أو ظنا إلى كون الحكم الأول حقا أنفذه، وإلا أبطله.
ويؤيده في عبارة الشرائع أنه لو أريد صورة التقصير لم يناسب قوله: " فإن كان موافقا للحق لزم " (1) لأن الحكم الناشئ عن الاجتهاد لا يلزم وإن وافق الحق.
وقال في الخلاف: " إذا قضى الحاكم بحكم فأخطأ فيه، ثم بان أنه أخطأ، أو بان أن حاكما كان قبله قد أخطأ فيما حكم به وجب نقضه، ولا يجوز الاقرار عليه بحال، وقال الشافعي: إن أخطأ فيما لا يسوغ فيه الاجتهاد، بأن خالف نص كتاب أو سنة أو إجماعا أو دليلا لا يحتمل إلا معنى واحدا - وهو القياس الجلي على قول بعضهم، والقياس الجلي الواضح على قول الباقي منهم - فإنه ينقض حكمه، وإن أخطأ فيما يسوغ فيه الاجتهاد لم ينقض حكمه.. إلى أن قال: دليلنا إجماع الفرقة وأخبارهم، وأيضا فقد ثبت عندنا أن الحق في واحد، وأن القول بالقياس والاجتهاد باطل. فإذا ثبت ذلك، فكل من قال بذلك قال بما قلناه، وإنما خالف في ذلك من جوز الاجتهاد " (2)، انتهى.
ولا يخفى أن الظاهر منه - حيث ابتنى مسألة النقض على التخطئة والتصويب - أنه أراد الأعلم من الحكم القطعي والظني الثابت بالاجتهاد الصحيح. فاندفع توهم ظهور لفظ " بان " في القطع الواقعي، مع أنه كيف يجوز الفصل فيه بين ما يسوغ فيه الاجتهاد وما لا يسوغ؟! فإن تبين الخطأ فيما يسوغ فيه الاجتهاد ليس إلا بالظن.