سماني، به أبواي وعرفت به في الناس، فسكت عنه النبي صلى الله عليه وسلم، قال سعيد: فما زلنا تعرف الحزونة فينا أهل البيت.
والحزن: ما غلظ من الأرض، وهو ضد السهل، واستعمل في الخلق، يقال: فلان حزون، أي في خلقه غلظة وقساوة.
هذا حديث مرسل، ومراسيل سعيد محتج بها، لكن علي بن زيد ليس بالحجة، وأما الحديث فمروي بإسناد صحيح، متصل، ولفظه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: " ما اسمك؟ قال: حزن، قال: أنت سهل "، فقال: لا أغير اسما سمانيه أبي. قال سعيد: فما زالت تلك الحزونة فينا بعد.
أخرجه البخاري في الأدب، باب اسم الحزن، قال ابن بطال: فيه أن الأمر بتحسين الأسماء، وبتغيير الاسم إلى أحسن منه ليس على الوجوب. وقال ابن التين: معنى قول ابن المسيب: " فما زالت فينا الحزونة "، يريد امتناع التسهيل فيما يريدونه. وقال الداودي: يريد الصعوبة في أخلاقهم، فقد ذكر أهل النسب أن في ولده سوء خلق معروف فيهم لا يكاد ينعدم منهم، إلا أن سعيدا أفضى به ذلك إلى الغضب في الله.
قال أحمد بن حنبل، وغير واحد: مرسلات سعيد بن المسيب صحاح.
وقال قتادة، ومكحول، والزهري، وآخرون، واللفظ لقتادة: ما رأيت أعلم من سعيد بن المسيب.
وقال علي بن المديني: لا أعلم في التابعين أحدا أوسع علما من ابن المسيب، هو عندي أجل التابعين.
عبد الرحمن بن حرملة: سمعت ابن المسيب يقول حججت أربعين حجة.
قال يحيى بن سعيد الأنصاري: كان سعيد يكثر أن يقول في مجلسه: اللهم سلم سلم.
معن: سمعت مالكا يقول: قال سعيد ابن المسيب: إن كنت لأسير الأيام والليالي في طلب الحديث الواحد.
أبو إسحاق الشيباني: عن بكير بن الأخنس، عن سعيد بن المسيب، قال: سمعت عمر على المنبر وهو يقول: لا أجد أحدا جامع فلم يغتسل، أنزل أو لم ينزل، إلا عاقبته، رجاله ثقات.
وفيه حجة لم يقول إن سعيدا رأى عمر وسمع منه، وقد ذكر الحافظ ابن حجر في (تهذيب التهذيب) حديثا وقع له بإسناد صحيح لا مطعن فيه، فيه تصريح سعيد بسماعه من عمر.
قال الواقدي: حدثنا عبد الله بن جعفر، وغيره من أصحابنا، قالوا: استعمل ابن الزبير جابر ابن الأسود بن عوف الزهري على المدينة، فدعا الناس إلى البيعة لابن الزبير، فقال سعيد بن المسيب: لا، حتى يجتمع الناس، فضربه ستين سوطا، فبلغ ذلك ابن الزبير، فكتب إلى جابر يلومه ويقول: مالنا ولسعيد، دعه.
وكان جابر بن الزبير قد تزوج الخامسة قبل انقضاء عدة الرابعة، فلما ضربسعيد بن المسيب صاح به سعيد والسياط تأخذه: والله ما ربعت على كتاب الله، وإنك تزوجت الخامسة قبل انقضاء عدة الرابعة، وما هي إلا ليال فاصنع ما بدا لك، فسوف يأتيك ما تكره. فما مكث إلا يسيرا حتى قتل ابن الزبير.
عن أبي عيسى الخراساني، عن ابن المسيب، قال: لا تملؤوا أعينكم من أعوان الظلمة إلا بإنكار من قلوبكم، لكيلا تحبط أعمالكم.
أنبأنا أبو نعيم، حدثنا القطيعي، حدثنا عبد الله بن أحمد، حدثنا الحسن بن عبد العزيز، قال: كتب إلى ضمرة بن ربيعة عن إبراهيم بن عبد الله الكناني، أن سعيد بن المسيبزوج ابنته بدرهمين.
قال الواقدي: كان سعيد بن المسيب من أعبر الناس للرؤيا، أخذ ذلك عن أسماء بنت أبي بكر الصديق، وأخذته أسماء عن أبيها، ثم ساق الواقدي عدة منامات، منها:
حدثنا عبد الله بن جعفر، عن عبيد الله بن عبد الرحمن بن السائب، قال رجل لابن المسيب: إنه رأى كأنه يخوض النار، قال: لا تموت حتى تركب البحر، وتموت قتيلا. فركب البحر، وأشفى على التهلكة، وقتل يوم قديد. (وقديد موضع بين مكة والمدينة، فيه كانت الواقعة سنة (١٣٠) بين أهل المدينة وبين أبي حمزة الخارجي، فقتل منهم مقتلة عظيمة).
العطاف: عن ابن حرملة، قال: قال سعيد: لا تقولوا مصيحف، ولا مسيجد، ما كان لله فهو عظيم حسن جميل.
الواقدي: أنبأنا طلحة بن محمد بن سعيد بن المسيب، عن أبيه: قال سعيد بن المسيب: قلة العيال أحد اليسرين. وفي لفظ آخر: أحد اليسارين.
مالك: عن يحيى بن سعيد قال: سئل سعيد بن المسيب عن آية، فقال سعيد: لا أقول في القرآن شيئا. قال الذهبي: ولهذا قل ما نقل عنه في التفسير.
معاوية بن صالح: عن يحيى بن سعيد، عن سعيد بن المسيب قال: أوصيت أهلي بثلاث: أن لا يتبعني راجز ولا نار، وأن يعجلوا بي، فإن يكن لي عند الله خير فهو خير مما عندكم.
أخبرنا محمد بن عمر، حدثني محمد بن قيس الزيات، عن زرعة بن عبد الرحمن، قال: قال سعيد بن المسيب: يا زرعة إني أشهدك علي ابني محمد لا يؤذنن بي أحدا، حسبي أربعة يحملونني إلى ربي.
مات سعيد بن المسيب بالمدينة وهو بن خمس وسبعين سنة سنة أربع وتسعين وكان يقال لهذه السنة:
سنة الفقهاء، لكثرة من مات منهم فيها.
* طبقات ابن سعد: ٥ / ١١٩ - ١٤٣، التاريخ الكبير: ٣ / ٥١٠ - ٥١١، المعارف: ٤٣٧، الجرح والتعديل: ٤ / ٥٩ - ٦١، حلية الأولياء: ٢ / ١٦١ - ١٧٥، تهذيب الأسماء واللغات:
٢١٩ - ٢٢١، وفيات الأعيان: ٢ / ٣٧٥ - ٣٧٨، تهذيب التهذيب: ٤ / ٧٤ - ٧٧، طبقات الحفاظ: ٢٥، خلاصة تذهيب الكمال: ١ / ٣٩٠ - ٣٩١، سير أعلام النبلاء:
٤ / ٢١٧ - ٢٤٦، شذرات الذهب ١ / ١٠٢، صفة الصفوة: ٢ / ٥٧ - ٥٨، البداية والنهاية: ٩ / ١١٧ - ١١٩، مرآة الجنان: ١ / ١٨٥ - ١٨٧، معجم البلدان: ٤ / ٣٥٥، تاريخ الطبري ٧ / ٣٩٣، لسان العرب: ١٣ / ١١٧ (مادة حزن)، مسلم بشرح النووي:
٢ / ٤٠٦ - ٤٠٨، كتاب الإيمان باب خصال المنافق، فتح الباري ١٠ / 702 باب (107) اسم الحزن حديث رقم (9610).