وإليه يرجع ما عن الكشاف من تقدير الحال المذكورة، فانكحوا الفتيات معدودات، هذا العدد ثنتين ثنتين، وثلاثا ثلاثا وأربعا أربعا، وعلى كل حال فمقتضى العطف بالواو جمع المتعاطفة في الجواز، لا جواز الجمع بينها فلا يلزم نكاح التسع، بل قيل معنى الآية الإذن لكل ناكح يريد الجمع أن ينكح ما شاء من العدد المذكور متفقين فيه ومختلفين، كقولك: (اقتسموا هذه البدرة درهمين درهمين وثلاثة ثلاثة) ولو أفردت كان المعنى تجويز الجمع بين هذه الأعداد دون التوزيع، ولو ذكرت بأو لذهب تجويز الاختلاف في العدد وإن كان لا يخلو من نظر، لما عرفت من أن الجمع بالحكم لا يقتضي الحكم بالجمع، فلا يلزم من الأفراد تجويز الجمع بين الأعداد، ولأن تجويز الأعداد لجماعة المخاطبين بمعنى تجويزه، لكل واحد منهم لا للمجموع من حيث الاجماع، فالتخيير الذي يقتضيه العطف بأو لو كأن يكون لكل ناكح يريد الجمع، فلو اختلفوا لم يفعلوا إلا ما هو الجائز كما لو اتفقوا، فلا يلزم أن يذهب تجويز الاختلاف على تقديره.
نعم يمكن أن يقال: إن العطف بالواو للدلالة على جواز كل من الأعداد لكل جامع أو مريد للجمع، فيجوز الأربع لواجد الثلاث بالتكميل، وكذا الثنتان بالنقص، ولو عطف بأو لذهب التجويز في حق الجامع، لأنه قد استوفى العدد المباح له، فلا يجوز له غيره على ما يقتضيه التخيير.
وكيف كان فالغرض دلالة الآية على المطلوب من دون حاجة إلى جعل الواو فيها بمعنى أو كما في جامع المقاصد والمسالك، معللين ذلك بأنها لو بقيت على معناها اقتضت الآية جواز نكاح الثمانية عشر.
وفيه أولا أن مثنى مثلا بمنزلة اثنين اثنين ذكرا، وهو أعم من كونه اثنين واثنين على جهة التغاير، ولذا قال بعضهم إنه يلزم نكاح التسع لا الثمانية عشر، وثانيا أن إباحة هذه المراتب من الأعداد من حيث كونها أعدادا لا يقتضي جواز الجمع على الوجه المزبور، ضرورة عدم كون المراد من إباحة الثلاثة مثلا أنها أفراد غير الاثنين والأربعة غير الثلاثة، بل قد عرفت أن الواو تقتضي الجمع