التي منها قصد القربة، وهي فرع الأمر بالوقف أو مطلق الصدقة عليهم والمبرة بهم، ولا أثر له في الشريعة لا في الكتاب ولا في سنة، فيكف يقصد التقرب بشئ لم يرد به أمر أو حث أو ترغيب نحو ما ورد في المستحبات الشرعية، وبذلك يظهر لك الجواب عن الاستدلال بقوله (عليه السلام) " لكل كبد حراء أجر " وبآية " لا ينهاكم الله " إلى آخره فإن غايتهما الدلالة على ثبوت الأجر، وعدم النهي عن المودة، وهما لا يستلزمان الأمر بالوقف أو المودة حتى يتحقق فيه قصد القربة المشترطة في الصحة، مع معارضتها بعموم دليل المنع، وهو قوله تعالى (1) " لا تجد قوما يؤمنون بالله " إلى آخره، مع أني لم أجد لهذا القول عدا الماتن هنا وفي الشرايع قائلا، إلى أن قال: فهو ضعيف غايته.
وهو من غرائب الكلام وما كنا لنؤثر أن يقع ذلك منه لا في النظر ولا في التتبع، إذ قد عرفت أنه قول غير المصنف أولا، وثانيا لا يخفى عليك - بعد الاغضاء عما في تقييد العمومات بالصحيحة المقتضي لعدم استفادة الصحيح منها حينئذ، الاغضاء عن شرطية نية القربة - أنه يكفي في ذلك اطلاق ما دل على استحباب الوقف، وأنه من الصدقة الجارية، ضرورة عدم الفرق بين متعلقه ومتعلق أوامر الصدقة بين المسلم والذمي خصوصا بعد الخبر " أن لكل كبد حراء أجرا " وكذا ما دل على الأمر بالاحسان وبالمعروف وفعل الخير ونحو ذلك، بل قوله تعالى (2) " لا ينهاكم الله " إلى آخره كاف في ثبوت الحث على برهم، والأقساط إليهم بالمودة " فإن الله يحب المقسطين و المحسنين، ويأمر بالاحسان (3) " وأغرب من ذلك قوله فإن " غايتهما " إلى آخره وبالجملة هو من غرائب الكلام، والله هو المؤيد والمسدد والحافظ من زلل الأقدام والأقلام.
هذا كله في الوقف عليهم أنفسهم من حيث أنهم من بني آدم، (و) يمكن تولد مسلم منهم، بل يمكن صيرورتهم مسلمين، بخلاف ما (لو وقف على الكنايس والبيع) التي هي معابدهم فإنه (لم يصح) بلا خلاف أجده فيه بل عن ظاهر المبسوط و الغنية نفيه بين المسلمين لكونه إعانة لهم على ما هو محرم عليهم من التعبد فيها