أما غيره الذي لم يستلزم وصيته في الثلث كمكان الدفن والولاية على الأطفال ونحو ذلك فلا، ومن فعل ذلك عمدا - دون الخطأ - ورجاء لأن يموت دون غيره، من غير فرق في ذلك بين الجرح وغيره، للصحيح المزبور، فيندرج فيه من يقتل نفسه بالسم مثلا.
لكن هل يلحق به من ألقى نفسه إلى التهلكة اشكال، أقواه عدم اللحوق، للأصل، كما لا يلحق به من فعل ذلك بنفسه عمدا ليموت، لكن لم يكن عاصيا لكون ذلك جهادا في سبيل الله، أو لأنه غير مكلف، ثم ارتفع المانع.
ومحل البحث ما لو مات بذلك، أما لو عوفي منه فأوصى فلا اشكال، بل لا يبعد صحة وصيته الأولى، إذا كان قد بقي مستمرا عليها، بناء على أن ذلك كالوصية المستأنفة وإن كان لا يخلو من نظر مع فرض عدم تجرد انشاء تمليك، ولذا لو نساها ولم يجددها لم تنفذ، على الأقوى لظهور الصحيح المزبور في عدم جواز وصيته في الحال المفروضة وإن عوفي لكن على معنى عدم أثر للايجاب المفروض، دون المتجدد بعد أن عوفي.
ودعوى صحة الايجاب في نفسه وإن كان لو مات في ذلك الجرح لم يترتب عليه أثر، أما إذا عوفي منه ثم مات أثر أثره، إذ هو بحكم المراعي - يدفعها ظهور اطلاق عدم الجواز في الصحيح بخلافها.
نعم قد يقال: إن ظاهر الصحيح عدم الجواز من حيث كونه وصية للمجروح على حسب الأول من البرء منه أما لو أجاز الوارث فقد يقال بالصحة، لعموم الأدلة، اللهم إلا أن يقال: إن إجازة الوارث تنفيذ، كما ستعرفه في محله انشاء الله، وهو يتوقف على صحة الوصية حتى يتجه التنفيذ.
وفيه: منع الدليل على عدم الصحة على وجه لا تقبل التنفيذ، بل لعل اطلاق ما دل على الصحة مع إجازة الوارث يقضي بخلافه فلاحظ وتأمل هذا.
والظاهر عدم الحاق التنجيز بالوصية، وإن اتفق التعبير بها عنه في بعض الأحوال على ضرب من المجاز، اللهم إلا أن يقال: إن منع الشارع له من الوصية لعدم الثلث له فيمتنع التنجيز أيضا، لذلك، بناء على أنه منه، لكن لا يخلو من نظر