الواهب خاصة كما أن الأول قد بينا ضعفه في محله وقلنا: إنه مناف لعموم " أوفوا " (1) و " المؤمنون عند شروطهم (2) " فيلزم حينئذ بالوفاء، وإن تسلط البايع مع ذلك على الخيار مع فرض عدم وصول شرطه إليه.
ويمكن أن يقال: بل لعله الظاهر أن الخيار المزبور في المتن وغيره لا ينافي لزوم العقد ورد العين - باعتبار كونها ثوابا، أو أولى منه - ليس فسخا للعقد، بل هو نحو رد العين في القرض، وإن أوجب عقده المثل أو القيمة، لكن رده نفسه أولى بالقول، فكذا ما نحن فيه.
نعم يتسلط الواهب على الفسخ مع الامتناع عن أصل البذل على نحو ما سمعته في غيره من العقود اللازمة ولعله لذا جزم بعض بتنزيل إطلاق المحكي عن جماعة لزوم العوض على رادة الخيار المزبور.
نعم بقي الكلام في شئ آخر وهو أنه ما ذكره في المسالك أيضا من أنه يفهم من قول المصنف " ولم يكن للواهب الرجوع مع قبضه " جواز رجوعه متى لم يقبضه وإن بذل المتهب والأمر فيه كذلك وقد تقدم، ولا ينافيه عموم (3) " أوفوا " ولا قول أبي عبد الله (عليه السلام) في الصحيح (4) " تجوز الهبة لذي القربى والذي يثاب عن هبته، ويرجع في غير ذلك " كما زعمه بعضهم، لأن عموم الوفاء بالعقود مقيد بغير الجائز، وقد عرفت دلالة النصوص الصحيحة على جواز هذا العقد على هذا الوجه، إذا سلم دلالة الوفاء على المضي فيها مطلقا، والإثابة في الخبر لا يتحقق إلا بالاتفاق عليها، لا بمجرد بذلها، ولم يحصل هنا ".
قلت: الذي قدمه في صدر المسألة بعد أن ذكر الصور الاثني عشر، قوله: " وتفصيل حكمها أنها مع اشتراط عدم الثواب لا يلزم قطعا، ومع اشتراطه يلزم ما شرطه مطلقا ثم إن عينه لزم ما عين بمعنى أن المتهب أن دفع المشروط، وإلا تسلط الواهب على الفسخ، وإن أطلق اشتراط الثواب لزم أيضا الوفاء به، لكن إن اتفقا على قدر فذاك، وإلا وجب