تلبس العمل بنية في الجملة، على أنه لم يعلم إرادة النية الشرعية فيه - أنه ينبغي حينئذ إيجاب تجديد النية على حساب الامكان، لكون الضرورة تقدر بقدرها، أو إيجاب تذكر العزم من دون باقي مشخصات النية، على أنه بعد تسليم سقوط ذلك كله لا دليل على وجوب ما ذكروه من الاستمرار، وقولهم لا يسقط الميسور ونحوه لا يصلح لاثباته لما فيه من الاجمال المقرر في غير هذه المحال من الاقتصار به على التكليف ذي الجزئيات أو مع الأجزاء، على أن في كون ذلك منه منعا وتأملا سيما على التفسير المشهور للاستدامة.
ولعل الأولى في المستند للاشتراط المذكور - بعد الاجماع المنقول المؤيد بالتتبع المفضي إلى إمكان دعوى الحصول - توقف صدق كون العمل منويا عليها كما هو الشأن في سائر الأعمال المركبة، فإن نيتها بأن يقارن أولها تمام النية ثم يبقى مستمرا على حكمها غير ناقض لها بنية تخالفها، وبذلك يصدق كون العمل منويا ومقصودا وإن حصل ما حصل من الغفلة في الأثناء ما لم يحصل النقض المذكور، فلا حاجة حينئذ إلى التقدير المتقدم، بل هو للافساد أقرب منه للاصلاح، ولا فرق فيما ذكرنا بين القول بأن النية هي الداعي أو الاخطار والفرق بين الابتداء والأثناء حينئذ، أما على الثاني فظاهر، وأما على الأول فلما عرفت سابقا أنه يعتبر بناء على القول بالداعي الخطور في الابتداء دون العلم به، وأن ذلك مدار الفرق بينه وبين الاخطار، وإلا فلا فرق بينهما بالنسبة إلى عدم الاعتداد بعبادة الغافل محضا عند الابتداء، فيكون الفرق حينئذ بين الابتداء والأثناء بناء على الداعي بأن الغفلة والذهول الماحيين لخطور الصورة يقدحان في الابتداء دون الأثناء، فتأمل جيدا. أو يقال كما ذكرنا سابقا أنه بناء على الداعي لا بد من القصد إلى الفعل في الابتداء وإن لم يلتفت الذهن إلى الداعي بخلافه في الأثناء فإنه يكتفى به وإن وقع من غير قصد أو غير ذلك على ما يظهر لك من ملاحظة ما سبق منا في النية، هذا.
وقد وقع في الرياض ما ينافي بظاهره ذلك تبعا للأستاذ الأعظم في شرح المفاتيح