الوضوء عينا أو تخييرا بينه وبين الاستباحة أو لم نقل بوجوبه، إذ التعيين أمر زائد لا دليل عليه، كما أنه لا فرق بناء على المختار من عدم وجوب قصد رفع الحدث بين الوضوء بنية التقرب غير متعرض فيها لذلك وبين قصد رفع الحدث من حيث هو من غير تعرض لتعيينه وبين ما قصد فيه رفع حدث بعينه مع عدم قصد غيره أو مع قصد عدم غيره أو قصد رفع حدث معين وكان الواقع خلافه. فإن الوضوء في جميع ذلك صحيح، أما الأولان فالحكم فيهما واضح، وكذا الثالث إذ احتمال قصر الرفع على المنوي خاصة معلوم البطلان على ما ستعرف، كاحتمال تأثير ذلك الافساد حتى بالنسبة إليه، لما قد علمت سابقا أن رفع الحدث من الغايات المترتبة على حصول هذه الأفعال بقصد التقرب، فمتى حصلت على هذا الوجه من غير مستدام الحدث مثلا رتب الشارع عليها رفع تلك الحالة فهي أسباب لا تتخلف عنها مسبباتها شرعا، فقصد المكلف رفع حدث بعينه مساو لعدم قصده لا مدخلية له.
ومنه يظهر وجه الرابع والخامس أيضا، فإن قصد عدم رفع غيره أو رفعه ولم يصادف الواقع لغو غير مؤثر شيئا، لأن المرتب للرفع على هذه الأفعال الشارع، فقصد المكلف وعدمه سيان، وما يقال: إن تسبيب الوضوء لذلك إذا اشتمل على قصد رفع الحدث من حيث هو أو إذا لم يشتمل على قصد عدم رفعه أو رفع بعضه فيه أن ذلك دعوى عارية عن الدليل، بل الدليل على خلافها موجود، لاطلاق قوله (عليه السلام) (1):
" لا ينقض الوضوء إلا حدث " ونحوه، كدعوى دخول ذلك في مسمى الوضوء، فلا يعلم شمول اللفظ للعاري، لما سيظهر لك أن الوضوء من المبينات في الكتاب فضلا عن السنة لا من المجملات، ولم يشتمل شئ منهما على شئ من ذلك.
نعم يتجه الفساد بناء على وجوب قصد رفع الحدث في الأول كالصحة في الثاني، وقوتها مع رفع الجميع في الثالث، بل في المدارك نسبته إلى قطع أكثر الأصحاب،