الاطلاق، وقد تقدم بيان هذا في أول الكتاب. ثم قال الكرخي: قد ظهر خصوصية رسول الله (ص) بأشياء لاختصاصه بما لا شركة لأحد من أمته معه في ذلك، فكل فعل يكون منه فهو محتمل للوصف لجواز أن يكون هذا مما اختص هو به ويجوز أن يكون مما هو غير مخصوص به، وعند احتمال الجانبين على السواء يجب الوقف حتى يقوم الدليل لتحقق المعارضة. ولكن الصحيح ما ذهب إليه الجصاص، لان في قوله تعالى: * (لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة) * تنصيص على جواز التأسي به في أفعاله، فيكون هذا النص معمولا به حتى يقوم الدليل المانع وهو ما يوجب تخصيصه بذلك، وقد دل عليه قوله تعالى: * (فلما قضى زيد منها وطرا زوجناكها لكيلا يكون على المؤمنين حرج في أزواج أدعيائهم) * وفي هذا بيان أن ثبوت الحل في حقه مطلقا دليل ثبوته في حق الأمة، ألا ترى أنه نص على تخصيصه فيما كان هو مخصوصا به بقوله تعالى: * (خالصة لك من دون المؤمنين) * وهو النكاح بغير مهر، فلو لم يكن مطلق فعله دليلا للأمة في الاقدام على مثله لم يكن لقوله: * (خالصة لك) * فائدة، فإن الخصوصية تكون ثابتة بدون هذه الكلمة، والدليل عليه أنه عليه السلام لما قال لعبد الله بن رواحة حين صلى على الأرض في يوم قد مطروا في السفر: ألم يكن لك في أسوة؟ فقال: أنت تسعى في رقبة قد فكت وأنا أسعى في رقبة لم يعرف فكاكها. فقال: إني مع هذا أرجو أن أكون أخشاكم لله ولما سألت امرأة أم سلمة عن القبلة للصائم فقالت:
إن رسول الله عليه السلام يقبل وهو صائم. فقالت لسنا كرسول الله قد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، ثم سألت أم سلمة رسول الله (ص) عن سؤالها فقال: هلا أخبرتها أني أقبل وأنا صائم؟ فقالت: قد أخبرتها بذلك فقالت كذا. فقال: إني أرجو أن أكون أتقاكم لله وأعلمكم بحدوده ففي هذا بيان أن اتباعه فيما يثبت من أفعاله أصل حتى يقوم الدليل على كونه مخصوصا بفعله، وهذا لان الرسل أئمة يقتدى بهم، كما قال تعالى: * (إني