المانع عنه، وان كان الدليل الدال على التقييد أيضا مما يحتمل فيه التصرف بحمل الوارد فيه على الاستحباب، الا أن أصالة الحقيقة يكفي في رفع ذلك الاحتمال، ولا تعارض بأصالة الحقيقة في المطلق، لعدم لزوم مجاز فيه، وانما حمل على الاطلاق والإشاعة بواسطة عدم الدليل. فالاطلاق حينئذ بمنزلة الأصول العملية في قبال الدليل، وان كان معدودا في عداد الأدلة دون الأصول، فكأنه برزخ بينهما). ويظهر من بعض الأعاظم; في مبحث التعارض الجري على ذلك.
لكن التأمل في المرتكزات الاستعمالية قاض بعدم تمامية ما ذكره، وأن مقتضى الظهور في الاطلاق لا يرتفع بورود البيان المنفصل، بل هو من سنخ المعارض للاطلاق مع تمامية مقتضى ظهوره بمجرد عدم البيان المتصل، وأن الاطلاق كسائر الظهورات الكلامية التابعة لفراغ المتكلم عن كلامه، لابتناء طريقة أهل اللسان على أن للمتكلم أن يلحق بكلامه ما شاء، وظهور كلامه تابع لفراغه منه ومتحصل من مجموعه، وبهذا يفترق البيان المتصل عن المنفصل في مانعية الأول من الظهور الاطلاقي، دون الثاني، بل هو مناف له.
ولذا كان احتفاف الكلام بما يصلح للبيان والقرينية على التقييد من دون أن يكون ظاهرا فيه مانعا من انعقاد ظهوره في - الاطلاق على ما يأتي في المقدمة الثالثة إن شاء الله تعالى - مع عدم الاشكال في عدم مانعية البيان المنفصل بالنحو المذكور من حجية الظهور في الاطلاق، فضلا عن انعقاده.
وأما ما ذكره بعض الأعاظم; من خروج الشارع الأقدس عن طريقة العقلاء وأهل اللسان في البيان لاعتماده على القرائن المنفصلة فهو مع عدم اختصاص الاطلاق به، بل يجرى في الظهورات الوضعية أيضا غير تام في نفسه، على ما يأتي في مبحث التعارض عند الكلام في الجمع العرفي.
وعلى ذلك يلزم النظر في وجوه الترجيح بين الظهور الاطلاقي والبيان