دون نظر لبيان ما هو المشروع نظير قول الطبيب للمريض: لابد لك من استعمال الدواء، أو في مقام البيان من خصوص بعض الجهات، كقوله تعالى: ﴿فكلوا مما أمسكن عليكم﴾ (1)، حيث ينصرف إلى بيان تحقق الذكاة بالصيد وحلية الاكل من حيثيتها، لا من جميع الجهات بحيث لا يجب تطهير محل الامساك، ولا يفرق بين أقسام الحيوان المصيد، وغير ذلك مما لا يرجع للتذكية.
وفيه: أن السيرة المذكورة لا تكشف عن أن الأصل عندهم كون المتكلم في مقام البيان الا إذا ثبت توقف التمسك بالاطلاق عندهم على احراز كون المتكلم في ذلك المقام، نظير توقفه على عدم التقييد المتصل، حيث يكشف بناؤهم على التمسك بالاطلاق مع الشك في القرينة على التقييد عن بنائهم على أصالة عدم القرينة. لكن بناءهم على توقف التمسك بالاطلاق عندهم على احراز كون المتكلم في مقام بيان تمام المراد غير ثابت، بل قد يكون مبنيا على وجه آخر، ومجرد صحة التمسك به مع احراز كون المتكلم في المقام المذكور أعم منه، لامكان صحته مع عدم احرازه أيضا للوجه الاخر.
ومن هنا لا يبعد عدم ابتناء التمسك بالاطلاق على المقدمة المذكورة، بل هو مبتن على أن الاهمال كالتقييد خلاف الأصل لا يحمل عليه المطلق عرفا الا بدليل.
فان ما تقدم من صحة إرادة المهملة من الاطلاق وان كان تاما، الا أن مصححه لما كان هو الرجوع لطريقة أهل اللسان وسيرة أهل المحاورة، فاللازم النظر في كيفية سيرتهم، وحيث تقدم أن بناءهم على التمسك بالاطلاق وحمله على العموم، لظهوره فيه، ما لم يحتف بما يقتضى صدوره لبيان أصل التشريع من دون نظر لخصوصياته أو في مقام البيان من خصوص بعض الجهات، تعين