الاستنباط.
بل مرجع ذلك إلى ملازمة حكم العقل لحكم الشرع باعتبار أن الشارع الأقدس هو المالك المطلق والمنعم المفضل الذي يجب عقلا متابعته والجري على مقتضى حكمه، وان لزم كون حكمه أيضا على طبق الموازين العقلية التي يحيط بها أكمل إحاطة، لان كماله يمنع من اختياره ما يخالفها.
ولأجل ذلك قد يحمل الأمر والنهي الواردان على العناوين المذكورة على الارشاد، كقوله تعالى: (ان الله يأمر بالعدل والاحسان وايتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي) (1)، وقوله سبحانه: (يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث) (2)، وقوله عز اسمه: (قل انما حرم ربى الفواحش ما ظهر منها وما بطن والاثم) (3)، ونحو ذلك. لان فرض كون الشئ عدلا واحسانا عند الشارع متفرع على أمره به، وفرض كونه فاحشة ومنكرا وبغيا واثما متفرع على نهيه عنه، فلا معنى للامر بالأول والنهى عن الثاني مولويا، بل لابد من حمل الأمر والنهي على الارشاد، نظير الامر بالطاعة والنهى عن المعصية.
لكنه مخالف للظاهر، لاستلزامه عدم ترتب العمل على الأوامر والنواهي المذكورة، فيتعين ابقاؤها على ظهورها في المولوية، غاية الامر الرجوع في تشخيص أفراد العناوين المذكورة للعرف، كما هو مقتضى الاطلاقات المقامية، ما لم يثبت من الشارع الأقدس خلافه.
وهذا لا ينافي ما ذكرنا من أن المرجع في تشخيص موضوع القضية العقلية هو الشارع دون العرف.