اطلع عليها لم تكن الداعوية فعلية.
والداعوية مع الجهل المذكور وان كانت فعلية، لعدم الخروج عن المقتضى المعلوم باحتمال المزاحمة، الا أن الاحتمال المذكور يمنع من العلم بالجعل الشرعي على طبق المقتضى المذكور، لاحتمال اطلاع الشارع الأقدس على ما لم يطلع عليه من المزاحمات.
كما أن العقل لا يحيط أيضا بكثير من موانع التشريع غير المانعة من الداعوية العقلية، فلا يتسنى له العلم بالتشريع على طبقها أيضا، كي ينفع ذلك في الاستنباط الذي هو محل الكلام.
وأما ما تكرر في كلماتهم من أن بعض العناوين علل تامة للحسن والقبح وللداعوية العقلية، ولا تقبل المزاحمة بما يمنع من فعلية تأثيرها فيها، وأنه لابد من حكم الشارع على طبق الداعوية العقلية المذكورة فيها، كعنوان العدل والاحسان والظلم والعدوان. فهو وان كان مسلما في الجملة الا أنه لا ينفع في المقام، لان تشخيص مصاديق العناوين المذكورة تابع للتشريع، لما هو المعلوم من أن العدل الذي هو محل الكلام هو وضع الشئ في موضعه، والاحسان هو فعل ما هو حسن، وأن الظلم والعدوان عبار - ة عن هضم حق الغير والتصرف على خلاف مقتضى حقه، ولا يكفي في الدخول تحت العناوين المذكورة التي هي موضوع الحسن والقبح العقليين التشخيص العرفي لافرادهما، بل ليس موضوعها الا الفرد الحقيقي المتحصل بتشخيص الشارع، ولذا لا يكون قتل المؤمن بالكافر عدلا، ولا إعانة المرتد احسانا، ولا ذبح الحيوان ولا قتل الحربي ولا أكل المار ة من ثمر الشجر الذي في الطريق المملوك للغير ظلما وعدوانا إلى غير ذلك.
وبعد فرض أخذ التشخيص من الشارع يكون الحكم معلوما في رتبة سابقة على احراز كون الفرد حسنا أو قبيحا، فلا ينفع العلم بالحسن والقبح في