(أما المقام الأول) فلا شبهة في أن الرواية من المراسيل الضعاف ولا سيما ان راويها أبو هريرة الذي حاله أظهر من أن يخفى وقد تصدى لاثبات كونه متعمدا في الكذب على الرسول صلى الله عليه وآله سماحة السيد شرف الدين العاملي (ره) ولا سيما انها غير موجودة في كتب متقدمي الأصحاب، وانما رواها المتأخرون نقلا عن محكي كتاب غوالي اللئالي. والكتاب المذكور أيضا ليس موثوقا به وقد تصدى للقدح عليه من ليس من عادته القدح في كتب الاخبار، كصاحب الحدائق (ره). وأما دعوى انجبارها بعمل الأصحاب فمدفوعة (أولا) بعدم ثبوت استناد الأصحاب عليها في مقام العمل، ومجرد موافقة فتوى الأصحاب لخبر ضعيف لا يوجب الانجبار ما لم يثبت استناد هم عليه، ولم يعلم من الأصحاب العمل بقاعدة الميسور إلا في الصلاة وفيها دليل خاص دل على عدم جواز تركها بحال فلم يعلم استنادهم على الرواية المذكورة. و (ثانيا) - بان مجرد عمل الأصحاب لا يوجب الانجبار بعد كون الخبر في نفسه ضعيفا غير داخل في موضوع الحجية، على ما ذكرناه في محله.
هذا مضافا إلى أنه في صحيح النسائي مروي بوجه آخر لا يدل على المقام أصلا، وهو قوله صلى الله عليه وآله (فإذا أمرتكم بشئ فخذوا به ما استطعتم، وإذا نهيتكم عن شئ فاجتنبوه) ومن المعلوم ان كلمة ما في هذه الرواية ظاهرة في كونها زمانية، فمفاد الرواية هو وجوب الاتيان بالأمور به عند الاستطاعة والقدرة. وهذا المعنى أجنبي عن المقام. وتوهم - ان اختلاف الطريقين لا يضر بالاستدلال بعد كون أحدهما منجبرا بالشهرة عند الأصحاب دون الآخر - مدفوع بأن الرواية كما نقلت في كتب العامة بوجهين كذلك نقلت في كتب الخاصة أيضا بوجهين، فان الموجود في باب صلاة العراة من البحار (ص 95) (فائتوا به ما استطعتم) فلا وجه لدعوى انجبار أحد الطريقين، فالمنجبر على