فنقول: إذا كان موضوع حكم من الاحكام مركبا من أمرين أو أمور كما في قوله عليه السلام: (إذا بلغ الماء قدر كر لا ينجسه شئ) فان الموضوع لعدم الانفعال هو الماء مع كونه كرا لا يترتب الحكم إلا مع احراز كلا الجزءين بالوجدان أو بالتعبد، أو أحدهما بالوجدان والآخر بالتعبد، فلا يمكن التعبد بأحدهما إلا مع احراز الآخر بالوجدان أو بالتعبد في عرض التعبد بالأول إذ التعبد إنما هو بلحاظ الأثر والمفروض انه لا اثر لأحدهما ليشمله دليل التعبد، فلو قامت البينة مثلا على كرية مائع لا يترتب عليه الحكم بعدم الانفعال، الا مع احراز كونه ماء بالوجدان أو بالتعبد من قيام بينة أخرى، أو جريان الاستصحاب مثلا، وكذا لو قامت البينة على كونه ماء لا يترتب عليه الحكم إلا مع احراز كونه كرا بالوجدان أو بالتعبد، وكذا الحال لو أحرز أحدهما بالاستصحاب لا يترتب عليه الحكم الا مع احراز الآخر بالوجدان أو بالبينة أو بالاستصحاب الجاري في عرض ذلك الاستصحاب، بأن يكون كلاهما متيقن الحدوث مشكوك البقاء.
والمتحصل من ذلك، ان اطلاقات أدلة الامارات والأصول غير شاملة للامارة القائمة على أحد جزئي الموضوع ولا الأصل الجاري في أحد جزئي الموضوع، ليحرز بها الجزء الآخر بالدلالة الالتزامية، إذ شمولها لأحد الجزءين متوقف على شمولها للجزء الأول، لكونه مترتبا عليه على العرض، وهذا هو الدور الواضح.
وبالجملة التعبد بكلا الجزءين إنما يصح فيما كان الدليل شاملا لكليهما في عرض واحد كما في شمول لا تنقض اليقين بالشك لما إذا شك في بقاء المائية والكرية معا في المثال السابق، فيجري الاستصحاب في عرض واحد، بلا ترتب بينهما، وهذا مما لا يمكن الالتزام به في المقام، للزوم اجتماع اللحاظ