عبارة عن إلزام الشارع إدراك مصلحة الواقع، والبراءة الشرعية عبارة عن ترخيصه حين عدم احراز الواقع، فالاحتياط الشرعي نفس التنجز، والبراءة الشرعية نفس التعذر بحكم الشارع، فليس هنا شئ يقوم مقام القطع في التنجز والتعذر.
بقى في المقام شئ ينبغي التعرض له، وهو ان صاحب الكفاية (ره) - بعد ما منع عن قيام الامارات والأصول مقام القطع الموضوعي، لاستلزامه الجمع بين اللحاظ الآلي والاستقلالي في دليل الحجية على ما تقدم بيانه - ذكر في حاشيته على الرسائل وجها لقيامها مقامه، وحاصل هذا الوجه أن أدلة الامارات والأصول وان كانت متكفلة لتنزيل المؤدى منزلة الواقع فقط، فلا يكون هناك إلا لحاظ آلي، إلا أن هذه الأدلة - على تنزيل المؤدى منزلة الواقع بالمطابقة - تدل على تنزيل العلم بالمؤدى منزلة العلم بالواقع بالالتزام لأجل الملازمة العرفية بين التنزيلين.
هذا ملخص كلامه في الحاشية، وعدل عنه في الكفاية، وقال: انه لا يخلو من تكلف، بل من تصف، ولعل مراده من التكلف منع الملازمة العرفية، و من التعسف لزوم الدور على ما يظهر من ذيل كلامه ونشير إليه قريبا إن شاء الله تعالى، أقول: هذا البحث وان لم يترتب عليه اثر في خصوص المقام، لما ذكرناه من أن تنزيل المؤدى منزلة الواقع مبني على القول بأن المجعول في باب الامارات هو المؤدى، وهو فاسد على ما تقدمت الإشارة إليه ويأتي التعرض له مفصلا في محله إن شاء الله تعالى.
ولكن هذه الكبرى الكلية - وهي ترتب الكم على الموضوع المركب بدليل دال على تنزيل أحد الجزءين بدعوى دلالته على تنزيل الجزء الآخر بالملازمة العرفية - على تقدير تماميتها تنطبق على موارد أخرى غير المقام، فلا بد من البحث عنها،