كيف يمكن أن يكون الفقاع خمرا مع أنه غيرها، وكيف يمكن ان يكون الطواف صلاة مع أنه غيرها. و (الجواب) هو ما ذكرناه، فان الفقاع فقاع بالوجدان وخمر بالتعبد، ولا منافاة بينهما، وكذا الطواف مع كونه غير الصلاة بالوجدان صلاة بالتعبد، ولا منافاة بينهما أصلا.
هذا مضافا إلى أنه لو كان هذا مانعا عن قيام الأصول مقام القطع، لمنع عن قيام الامارات أيضا مقام القطع، إذ لا فرق بين الأصول والامارات من هذه الجهة فان الامارات أيضا قد اخذ في موضوعها الشك، غاية الأمر ان الأصول قد اخذ الشك في موضوعها في لسان الدليل اللفظي، وفي الامارات قد ثبت ذلك بالدليل اللبي.
(بيانه) - أن الاهمال في مقام الثبوت غير معقول كما ذكرناه غير مرة فاما أن تكون الامارات حجة مع العلم بموافقتها للواقع، ولا خفاء في أن جعل الحجية للامارات حين العلم بالواقع لغو محض إذ الاستناد - حينئذ - إلى العلم لا إلى الامارة، واما ان تكون حجة مع العلم بمخالفتها للواقع، وهذا أفحش من سابقه كما هو ظاهر. وكذا لا يمكن ان يكون الموضوع هو الجامع بينهما اي مطلق العالم إما بالموافقة أو بالمخالفة، كما لا يمكن ان يكون الموضوع هو الجامع بين العالم بالموافقة أو بالمخالفة و الشاك، فتعين ان يكون الموضوع هو خصوص الشاك.
هذا مضافا إلى أنه قد اخذ الشك في موضوع بعض الامارات في لسان الدليل اللفظي أيضا، كقوله تعالى: (فاسألوا أهل الذكر ان كنتم لا تعلمون) فتحصل ان حال الأصول المحرزة هي حال الامارات في أنها تقوم مقام القطع الطريقي والقطع المأخوذ في الموضوع بنحو الطريقية. نعم يستثني من ذلك ما لو التزمنا فيه بقيام الأصل مقام القطع المأخوذ في الموضوع بنحو