طرفا من العلم الاجمالي، والآخر لاقى الطرف الآخر فلا اشكال في وجوب الاجتناب عن كلا الملاقيين، كوجوب الاجتناب عن نفس الطرفين، لتوليد علم اجمالي آخر بنجاسة أحد الملاقيين زائدا على العلم الاجمالي الأول المتعلق بنفس الطرفين، فهذا الفرض أيضا خارج عن محل الكلام.
(الثاني) - ان تنجيز العلم الاجمالي متوقف على تساقط الأصول كما تقدم مرارا. والتساقط إنما يكون مع العلم بالتكليف الفعلي، سواء كان العلم متعلقا بالتكليف الفعلي ابتداء - كما في الشبهات الحكمية، - كما إذا علم بوجوب صلاة الجمعة أو الظهر يوم الجمعة - أو كان متعلقا بالموضوع التام للحكم كما في الشبهات الموضوعية، كما إذا علم بخمرية أحد المائعين مثلا وأما إذا لم يعلم الا الموضوع الناقص اي جزء الموضوع، فلا مانع من جريان الأصل والحكم بعدم تحقق الموضوع التام، كما إذا علم بكون أحد الجسدين ميت انسان، والآخر جسد حيوان مذكى مأكول اللحم، فان هذا العلم الاجمالي وان كان يقتضي وجوب الاجتناب عن اكل لحم كل من الجسدين، إلا أنه إذا مس شخص أحدهما لا يحكم عليه بوجوب الغسل، لان المعلوم بالاجمال وهو بدن ميت الانسان جزء للموضوع، للحكم بوجوب الغسل، وتمامه مس بدن الانسان، وهو مشكوك التحقق والأصل عدمه.
والوجه في ذلك أن العلم الاجمالي إذا تعلق بثبوت التكليف الفعلي فالشك في كل واحد من الأطراف انما يكون شكا في انطباق المعلوم بالاجمال عليه، ومعه لا يمكن الرجوع إلى الأصل النافي في جميع الأطراف، لاستلزامه الترخيص في المعصية ومخالفة التكليف الواصل، ولا في بعضها لبطلان الترجيح بلا مرجح على ما تقدم بيانه مفصلا. واما ان كان الشك في تمامية الموضوع، كما في المثال الذي ذكرناه، فمرجعه إلى الشك في أصل التكليف، فلا مانع من الرجوع إلى