القائل، باعتبار الدخول في محل الابتلاء. وتنحصر الثمرة بيننا في ما إذا كان جميع الأطراف مقدورا يقينا، وكان بعضها خارجا عن محل الابتلاء، فانا نقول فيه بالتنجيز والقائل باعتبار الدخول في محل الابتلاء يقول بعدمه.
بقي في المقام إشكال وهو انه كيف تجرى البراءة في المقام، مع أن الشك في التكليف فيه ناشئ من الشك في القدرة. ومن الواضح المتسالم عليه أن الشك في القدرة لا يكون موردا للبراءة، بل يجب الفحص ليتحقق الامتثال أو يحرز عجزه، ليكون معذورا، فإذا شك المكلف في قدرته على حفر الأرض لدفن ميت، فهل يجوز تركه للشك في القدرة واحتمال العجز. وكذا إذا شك الجنب في أن باب الحمام مثلا مفتوح حتى يكون قادرا على الغسل أولا، فهل يجوز له الرجوع إلى البراءة عن وجوب الغسل. وترك الفحص والمقام من هذا القبيل.
والجواب انه لا يجوز الرجوع إلى البراءة عند الشك في القدرة فيما إذا علم فوات غرض المولى بالرجوع إلى البراءة، كما في المثال. وقد ذكرنا في بحث الاجزاء ان العلم بالغرض بمنزلة العلم بالتكليف، فبعد العلم بالغرض وجب الفحص بحكم العقل، حتى لا يكون فوت غرض المولى مستندا إلى تقصيره. وبعد الفحص إن انكشف تمكنه من الامتثال. فيمتثل، والا كان فوت غرض المولى مستندا إلى عجزه، فيكون معذورا بخلاف ما إذا لم يعلم ذلك كما في المقام إذ لم يحرز وجود غرض المولى في الطرف المقدور أو الطرف المبتلى به. فلا يكون في الرجوع إلى البراءة إلا احتمال فوات غرض المولى، وهو ليس بمانع لوجوده في جميع موارد الرجوع إلى البراءة، حتى الشبهات البدوية. و (بعبارة أخرى) الفرق بين المثال والمقام أن الغرض في المثال معلوم والقدرة مشكوك فيها، وفي المقام الغرض مشكوك فيه والقدرة معلومة فكم فرق بينهما.