له سبحانه، بل تقتضي ضرورة العلم له تعالى، مع أن التقابل بين العلم والجهل من تقابل العدم والملكة، وكذا التقابل بين الفقر والغنى من تقابل العدم والملكة واستحالة الغنى للممكن لا يقتضى استحالة الفقر له، بل يقتضي ضرورة الفقر له وهكذا في بقية أمثلة الاعدام والملكات.
والتحقيق في الجواب ان لزوم رفع اليد عن اطلاق الحكم لا عن أصله فيما إذا دار الامر بينهما وان كان صحيحا، إلا أنه لا ينطبق على المقام، لان ذلك انما هو فيما إذا أمكن التقييد، كما في الأمثلة المذكورة، بخلاف المقام، فان التقييد فيه غير معقول في نفسه، فلا مخالة يكون المانع عن الاطلاق مانعا عن أصل الحكم، إذ المفروض وصول الحكم الواقعي إلى المكلف، وإن كان متعلقه مرددا بين أمرين أو أمور، فكيف يعقل الترخيص في مخالفته ولو مقيدا بترك الطرف الآخر، فان هذا التقييد لا يرفع قبح الترخيص في المعصية، فلو فرض ان الخمر موجود في الخارج، وقد علم المكلف به وبحرمته، واشتبه بين مائعين مثلا، فكيف يعقل الحكم بإباحته والترخيص في شربه ولو مشروطا بترك الطرف الآخر الذي هو مباح في الواقع. (وبعبارة أخرى) إذا علمنا بحرمة أحد المائعين وإباحة الآخر، فالحرمة المعلومة غير مقيدة بترك المباح يقينا، كما أن الإباحة غير مقيدة بترك الحرام قطعا. فالحكم بإباحة كل منهما مقيدا بترك الآخر غير مطابق للواقع، ومناف للعلم بالحرمة والإباحة المطلقتين. ومن الواضح انه يعتبر في الحكم الظاهري احتمال المطابقة للواقع، فلا يعقل جمله في ظرف القطع بمخالفته للواقع.
والمتحصل مما ذكرناه ان العلم الاجمالي إذا تعلق بحكم إلزامي، فلا تجري الأصول النافية للتكليف في شئ من أطرافه. اما عدم جريانها في تمام الأطراف فللمانع الثبوتي وهو قبح الترخيص في مخالفة التكليف الواصل. واما عدم