حينئذ إلى الشك في المحصل بعدم العلم بثبوت التكليف، فلا مناص من القول بالاشتغال. نعم كان الامر البسيط حاصلا سابقا، فمع ارتكاب الفرد المشكوك فيه يجرى استصحاب بقاء هذا الامر، فيكون الامتثال حاصلا بالتعبد الشرعي فتحصل من جميع ما ذكرناه في المقام ان ما ذكره بعضهم - من الرجوع إلى قاعدة الاشتغال في الشبهة التحريمية الموضوعية - انما يصح في خصوص قسم واحد من الأقسام المذكورة، وهو القسم الأخير.
(التنبيه الخامس) قد عرفت حسن الاحتياط عقلا وشرعا حتى فيما إذا قامت الامارة على عدم التكليف في الواقع، فان احتمال ثبوت التكليف في الواقع كاف في حسن الاحتياط، لتدارك المصلحة الواقعية على تقدير وجودها، الا ان حسنه مقيد بعدم استلزامه اختلال النظام، وذلك يختلف باختلاف الأشخاص واختلاف الحالات الطارئة لهم، وكل ذلك واضح انما المقصود هو الإشارة إلى أن كل فرد من افراد الشبهة لا يكون الاحتياط فيه مستلزما لاختلال النظام، وانما المستلزم لذلك هو الجمع بين المحتملات والاخذ بالاحتياط في جميع الشبهات. وعليه فالاحتياط - في كل شبهة في نفسها مع قطع النظر عن الأخرى - باق على حسنه ويترتب على ذلك أنه على تقدير كون الاحتياط في جميع الشبهات مستلزما لاختلال النظام لا بأس بالتبعيض في الاحتياط.
و (بعبارة أخرى) كون الاحتياط الكلي قبيحا لاستلزامه اختلال النظام لا ينافي حسن التبعيض فيه، وللتبعيض طريقان: