حجية الخبر في باب المستحبات.
فتحصل أن قاعدة التسامح في أدلة السنن مما لا أساس لها، وبما ذكرناه من عدم دلالة هذه الأخبار على الاستحباب الشرعي سقط كثير من المباحث التي تعرضوا لها في المقام:
(منها) - أن المستفاد منها هل هو استحباب ذات العمل، أو استحبابه فيما إذا اتي به بعنوان الرجاء والاحتياط؟ فنقول لا دلالة لها على استحباب العمل بأحد من الوجهين نعم الثواب مترتب على ما إذا كان الاتيان بالعمل بعنوان الرجاء واحتمال المطلوبية على ما يستفاد من قوله (ع): (فعمله التماس ذلك الثواب) أو طلب قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فلا يترتب الثواب على ما إذا أتي بالعمل لغرض آخر.
(ومنها) - البحث عن ظهور الثمرة بين الاحتمال الثاني والثالث فيما إذا دل خبر ضعيف على استحباب ما ثبتت حرمته بعموم أو إطلاق، باعتبار أنه على تقدير كون الخبر المذكور حجة كما هو الاحتمال الثاني - كان مخصصا للعام أو مقيدا للمطلق. وأما على الاحتمال الثالث من كون العمل مستحبا شرعيا بعنوان البلوغ، فيقع التزاحم بين الحكم الاستحبابي الثابت بالعنوان العرضي، والحكم التحريمي الثابت بالعنوان الأولى، فيقدم الحكم الإلزامي لا محالة.
فانا نقول: لا دلالة لهذه الأخبار على حجية الخبر الضعيف، ولا على استحباب العمل، فالبحث المذكور ساقط من أساسه وفي مفروض المثال لا مجال لكون الخبر الضعيف مخصصا أو مقيدا، ولا الاستحباب المستفاد منه مزاحما للحرمة، فيحكم بتحريم ما ثبتت حرمته بالعموم أو الاطلاق، ولا يعتنى بالخبر الضعيف الدال على الاستحباب أصلا.
و (منها) - البحث عن معارضة هذه الأخبار لما دل علي اعتبار العدالة