(الثاني) - الاخبار وهي طائفتان: (الطائفة الأولى) - الأخبار الآمرة بالتوقف عند الشبهة، كقوله عليه السلام في عدة روايات: (الوقوف عند الشبهة خير من الاقتحام في الهلكة) ونظير هذه الروايات اخبار التثليث كقوله عليه السلام:
(الأمور ثلاثة: امر بين لك رشد فاتبعه، وامر بين غيه فاجتنبه، وامر اختلف فيه فرده إلى الله). والانصاف انه لا دلالة لهذه الأخبار على وجوب الاحتياط لوجهين:
(الوجه الأول) - ان المذكور فيها هو عنوان الشبهة، وهو ظاهر فيما يكون الامر فيه ملتبسا بقول مطلق، فلا يعم ما علم فيه الترخيص الظاهري، لان أدلة الترخيص تخرجه عن عنوان المشتبه، وتدرجه في معلوم الحلية. ويدل على ما ذكرناه من اختصاص الشبهة بغير ما علم فيه الترخيص ظاهرا، انه لا اشكال ولا خلاف في عدم وجوب التوقف في الشبهات الموضوعية، بل في الشبهة الحكمية الوجوبية بعد الفحص، فلو لا ان أدلة الترخيص أخرجتها عن عنوان الشبهة، لزم التخصيص في اخبار التوقف، ولسانها آب عن التخصيص وكيف يمكن الالتزام بالتخصيص في مثل قوله عليه السلام: (الوقوف عند الشبهة خير من الاقتحام في الهلكة)؟
(الوجه الثاني) - ان الامر بالتوقف فيها للارشاد، ولا يمكن ان يكون أمرا مولويا يستتبع العقاب، إذ علل التوقف فيها بأنه خير من الاقتحام في الهلكة، ولا يصح هذا التعليل الا ان تكون الهلكة مفروضة التحقق في ارتكاب الشبهة مع قطع النظر عن هذه الأخبار الآمرة بالتوقف. ولا يمكن ان تكون الهلكة المعللة بها وجوب التوقف مترتبة على نفس وجوب التوقف المستفاد من هذه الأخبار كما هو ظاهر، فيختص موردها بالشبهة قبل الفحص والمقرونة بالعلم الاجمالي.