الفحص، وهي محل الكلام فعلا.
(الوجه الثاني) - ان هذه الأخبار باطلاقها تعم الشبهة الموضوعية والشبهة الحكمية الوجوبية، مع أن الاحتياط فيها غير واجب قطعا، فلا بد حينئذ من رفع اليد عن ظهورها في الوجوب أو الالتزام فيها بالتخصيص، وحيث إن لسانها آب عن التخصيص كما ترى. فتعين حملها على الاستحباب أو على مطلق الرجحان الجامع بينه وبين الوجوب، فلا يستفاد منها وجوب الاحتياط في الشبهة البدوية بعد الفحص، وهي محل الكلام.
ثم إنه لو سلم دلالة اخبار التوقف أو الاحتياط على وجوب الاحتياط في الشبهة التحريمية، فهي لا تعارض أدلة البراءة. وذلك لأن استصحاب عدم جعل الحرمة - بناء على جريانه، وهو الصحيح على ما تقدم بيانه - يكون رافعا لموضوع هذه الأخبار، إذ به يحرز عدم التكليف وعدم العقاب، فيتقدم عليها لا محالة. وكذا اخبار البراءة بعد تماميتها تتقدم على هذه الأخبار، لكونها أخص منها، فان اخبار البراءة لا تعم الشبهة قبل الفحص، ولا المقرونة بالعلم الاجمالي اما في نفسها، أو من جهة الاجماع وحكم العقل، بل بعضها مختص بالشبهات التحريمية، كقوله عليه السلام (كل شئ مطلق حتى يرد فيه نهي) بخلاف اخبار التوقف والاحتياط، فإنها شاملة لجميع الشبهات، فيخصص بها.
وقد يتوهم الاطلاق في أدلة البراءة، وانها شاملة في نفسها لجميع الشبهات غاية الأمر أنها مخصصة بحكم العقل أو بالاجماع فلا وجه لتقدمها على أدلة التوقف والاحتياط ولكنه (مدفوع) بأن المانع عن شمول أدلة البراءة لتلك الموارد ان كان حكم العقل باستحالة شمولها لها، فحالة حال المخصص المتصل في منعه عن انعقاد الظهور في العموم أو الاطلاق من أول الامر، وان كان هو الاجماع، فحالة حال المخصص المنفصل. والمختار فيه القول بانقلاب النسبة على ما سيجئ