منشأ الشك في الحلية والحرمة هو نفس انقسام الشئ إلى الحلال والحرام، وهذا لا ينطبق على الشبهة الحكمية فان الشك في حلية بعض أنواع الطير - في مفروض المثال - ليس ناشئا من انقسام الطير إلى الحلال والحرام، بل هذا النوع مشكوك فيه من حيث الحلية والحرمة، ولو على تقدير حرمة جميع بقية الأنواع أو حليتها. وهذا بخلاف الشبهة الموضوعية، فان الشك في حلية مائع موجود في الخارج ناشئ من انقسام المائع إلى الحلال والحرام، إذ لو كان المائع بجميع أقسامه حلالا أو بجميع أقسامه حراما لما شككنا في هذا المائع الموجود في الخارج من حيث الحلية والحرمة، فحيث كان المائع منقسما إلى قسمين: قسم منه حلال كالخل، وقسم منه حرام كالخمر، فشككنا في حلية هذا المائع الموجود في الخارج، لاحتمال أن يكون خلا، فيكون من القسم الحلال، وأن يكون خمرا فيكون من القسم الحرام، ثم إن المحقق النائيني (ره) ذكر أن الشيئية تساوق الوجود، فظاهر لفظ الشئ هو الموجود الخارجي، وحيث إن الموجود الخارجي لا يمكن انقسامه إلى الحلال والحرام، فلا محالة يكون المراد من التقسيم الترديد، فيكون المراد من قوله عليه السلام فيه حلال وحرام هو احتمال الحلية والحرمة، فيشمل الشبهة الحكمية أيضا، لأن احتمال الحلية والحرمة في الموجود الخارجي - كما يمكن ان يكون ناشئا من عدم العلم بأن هذا الشئ من القسم الحلال أو من القسم الحرام، فتكون الشبهة موضوعية - كذلك يمكن أن يكون ناشئا من عدم العلم بحكم نوع هذا الشئ، فتكون الشبهة حكمية.
وفيه (أولا) - ان لفظ الشئ موضوع للمفهوم المبهم العام لا للموجود الخارجي، ولذا يستعمل في المعدومات، بل في المستحيلات، فيقال هذا شئ معدوم أو لم يوجد، وهذا شئ مستحيل أو محال.