فتسقط قاعدة قبح العقاب بلا بيان بارتفاع موضوعها، وهو عدم البيان.
و (بالجملة) كل من القاعدتين كبروي لا يتكفل لاحراز موضوعه، بل لابد من إحرازه من الخارج لا من نفس القاعدة كما هو واضح، وكل منهما صالح لرفع موضوع الآخر، ولا ترجيح لأحدهما على الآخر.
هذا والتحقيق في الجواب عن الاشكال يقتضي تقديم مقدمة: وهي ان التعارض والتنافي لا يتصور إلا بين دليلين ظنيين من جهة، فقد يكون التنافي بين ظهورين مع كون السند في كل منهما قطعيا، وقد يكون بين نصين صريحين فيما إذا كان السند ظنيا فيهما. واما الدليلان القطعيان سندا ودلالة وجهة، فيستحيل وقوع المعارضة بينهما، لاستلزامه التناقض المستحيل تحققه، فلا محالة يكون أحد الدليلين واردا أو حاكما على الآخر، وظهر من ذلك استحالة وقوع المعارضة بين حكمين عقليين، لاستلزامه حكم العقل بثبوت المتناقضين، ففي المقام لا يعقل المعارضة بين القاعدتين، فإنه مستلزم لحكم العقل باستحقاق العقاب وبعدمه في مورد واحد. وهو محال، وان شئت قلت إن القطع بعدم استحقاق العقاب لا يجتمع مع احتماله.
إذا عرفت هذه المقدمة، فنقول: إن الضرر المحتمل الذي يجب دفعه بحكم العقل اما ان يراد به الضرر الأخروي اي العقاب، أو الضرر الدنيوي أو المفسدة المقتضية لجعل الحرمة، فان كان المراد به العقاب، فاما ان يكون وجوب دفعه غيريا أو نفسيا أو طريقيا أو إرشاديا، ولا يتصور له خامس.
أما الوجوب الغيري فهو غير محتمل في المقام، إذ الوجوب الغيري هو الذي يترشح من وجوب نفسي عند توقف واجب على شئ آخر، وليس في المقام واجب متوقف على دفع العقاب الأخروي ليترشح الوجوب منه إليه، لا في فرض تحقق الحكم واقعا ولا في فرض عدمه. اما في فرض تحققه فلانه ليس