الموجودة في الكتب المعتبرة، إذ المعلوم بالاجمال في العلم الأول غير محتمل الانطباق على المعلوم بالاجمال في الثاني - واهية، لان جميع الامارات غير المعتبرة لا يكون مخالفا لما في الكتب المعتبرة من الروايات، بل عدة منها موافقة له، فافراز مقدار من الأخبار الموجودة في الكتب المعتبرة مستلزم لافراز ما يطابقه من الامارات غير المعتبرة. والعمل به يستلزم العمل به، بل عينه. وليس لنا علم إجمالي بمطابقة الامارات غير المعتبرة للواقع فيما لم يكن مطابقا للاخبار الموجودة في الكتب المعتبرة.
فتحصل مما ذكرناه في المقام ان الصحيح ما ذكره صاحب الكفاية (ره) وأن مقتضى العلم الاجمالي وجوب الاخذ بالأخبار الموجودة في الكتب المعتبرة المثبتة للتكليف. بقى الكلام في أن وجوب العمل بالاخبار الموجودة في الكتب المعتبرة من جهة العلم الاجمالي بصدور بعضها هل يترتب عليه ما يترتب على حجيتها من تقدمها على الأصول العملية واللفظية أم لا؟ وتحقيق ذلك يقتضي التكلم في مقامين: (المقام الأول) - في تقدمها على الأصول العملية. (المقام الثاني) - في تقدمها على الأصول اللفظية، كاصالة العموم والاطلاق..
(أما المقام الأول) فتحقيق القول فيه ان الأصول قد تكون من الأصول المحرزة الناظرة إلى الواقع، بمعنى أن المستفاد من أدلتها البناء العملي على أن مفادها هو الواقع، كالاستصحاب وقاعدة الفراغ والتجاور، بناء على كونهما من الأصول لا من الامارات، وقد تكون من الأصول غير المحرزة، بمعنى ان المستفاد من أدلتها انها وظائف عملية مجعولة في ظرف عدم الوصول إلى الواقع لا البناء على أن مفادها هو الواقع كالبراءة العقلية والشرعية. وعلى كل تقدير قد يكون الأصل نافيا للتكليف دائما، كالبراءة وقد يكون مثبتا له كذلك، كقاعدة الاشتغال. و (ثالثة) يكون نافيا للتكليف مرة ومثبتا له أخرى