المحتمل إن كان أخرويا، ويكون الخبر بعد قيام السيرة على حجيته خارجا عن الآيات بالورود، كسائر الامارات المعتبرة، لعدم احتمال العقاب مع العمل بما هو حجة، ولو على تقدير مخالفتها للواقع، فحال الخبر - بعد قيام السيرة على العمل به مع الآيات بعد كونها إرشادا إلى حكم العقل حال الامارات مع الأصول العملية العقلية، فكما انها واردة عليها، كذلك الخبر وارد على الآيات.
و (ثالثا) - أنا لو أغمضنا عن ذلك، وقلنا بان مفاد الآيات حكم مولوي وهو حرمة العمل بغير العلم، نقول ان السيرة حاكمة على الآيات، لان العمل بالحجج العقلائية القائمة علي العمل بها سيرة العقلاء لا يكون عملا بغير العلم في نظر العرف والعقلاء، لذا لم يتوقف أحد من الصحابة والتابعين وغير هم في العمل بالظواهر، مع أن الآيات الناهية عن العمل بغير العلم بمرأى منهم ومسمع وهم من أهل اللسان. وليس ذلك إلا لأجل انهم لا يرون العمل بالظواهر عملا بغير العلم بمقتضى قيام سيرة العقلاء على العمل بها، وحال خبر الثقة هي حال الظواهر من حيث قيام السيرة على العمل به، فكما ان السيرة حاكمة على الآيات بالنسبة إلى الظواهر، كذلك حاكمة عليها بالنسبة إلى خبر الثقة.
فتحصل مما ذكرناه في المقام ان العمدة في حجية الخبر هي السيرة، ولا يرد على الاستدلال بها شئ من الاشكال. ولا يخفى ان مقتضى السيرة حجية الصحيحة والحسنة والموثقة، فإنها قائمة على العمل بهذه الأقسام الثلاثة، فإذا بلغ أمر المولى إلى عبده بنقل عادل، أو بنقل امامي ممدوح لم يظهر فسقه ولا عدالته، أو بنقل ثقة غير إمامي، لا يكون العبد معذورا في مخالفة امر المولى في نظر العقلاء. نعم الخبر الضعيف خارج عن موضوع الحجية، لأن العقلاء لا يعملون به يقينا، مع أن الشك في قيام السيرة على العمل به كاف في الحكم بعدم حجية. واما توهم - ان إطلاق آية النفر يشمل الخبر الضعيف أيضا، حيث