جملة منها اعتبار العدالة كقوله عليه السلام في الأخبار العلاجية: (خذ بأعدلهما) وقوله عليه السلام: (عليك بزكريا بن آدم المأمون على الدين والدنيا) وبعضها ظاهر في اعتبار الوثاقة، كقوله (ع): (نعم - بعدما قال السائل - افيونس بن عبد الرحمن ثقة نأخذ معالم ديننا عنه) وبعضها ظاهر في اعتبار كونه إماميا أيضا، كقوله عليه السلام: (لا عذر لاحد فيما يرويه ثقاتنا) فان إضافة الثقات إلى ضمير المتكلم واسنادها إليهم (ع) ظاهرة في أن المراد منها كون الراوي من أهل الولاية لهم وحيث أن المراد من الثقة في الأخبار هو المعنى اللغوي لا ما هو المصطلح عليه عند المحدثين، فإنهم يطلقون الثقة على الامامي العادل، ومنه اطلاقهم ثقة الاسلام على الكليني (ره) فالنسبة بين العادل والموثوق به هي العموم من وجه، إذ قد يكون الراوي عادلا غير موثوق به لكثرة خطأه وسهوه، وقد يكون موثقا غير عادل بمعنى انه ضابط حافظ متحرز عن الكذب، إلا أنه فاسق من غير ناحية الكذب كما يوجد كثيرا. وقد يكون عادلا موثقا. وعليه فالقدر المتيقن منها هو الجامع للعدالة والوثاقة، فبناء على التواتر الاجمالي لا يستفاد منها الا حجية الخبر الصحيح الاعلائي.
نعم ذكر صاحب الكفاية (ره) ان المتيقن من هذه الأخبار وان كان هو خصوص الخبر الصحيح، الا انه في جملتها خبر صحيح يدل على حجية الخبر الموثق، فتثبت به حجية خبر الثقة وان لم يكن عادلا. وما ذكره متين، ولعل مراده من الخبر الصحيح الدال على حجية خبر الثقة قوله (ع): (نعم - بعد ما قال السائل - افيونس بن عبد الرحمن ثقة نأخذ معالم ديننا عنه)، فان ظاهره كون حجية خبر الثقة مفروغا عنها بين الإمام (ع) والسائل، وان السؤال ناظر إلى الصغرى فقط.
ومما استدل به على حجية الخبر (الاجماع) وتقريره من وجوه: (الوجه الأول)