تكون صفة له بحال نفسه، لا بحال متعلقه، فإنه بالعرض والمجاز " (1).
ووجه الابتلاء بهذا التفسير، توهمهم أن المراد من " العوارض الذاتية " في الجملة الواصلة إلينا في تعريف موضوع العلم، هو العرض الذاتي المصطلح عليه في العلم الأعلى، مع أن الأمر ليس كذلك كما يأتي (2). ولو كان الابتلاء بالإشكال موجبا للتدخل في المراد من كلمات القوم، وتفسيرها بوجه آخر لحل الإشكال، لكان ذلك بابا واسعا في حل الشبهات، وربما يأتي بعد زماننا هذا من يفسرها بأمر آخر، لاستلزامه لإشكالات اخر، فتدبر.
والذي أظنه بعد التأمل التام: أن الأعراض الذاتية قبال الأعراض الأجنبية والغريبة، فما كان من العوارض لاحقا بذات من الذوات - بمعنى أن تكون الذات كافية بذاتها لعروضه عليها - فهو العرض الذاتي، أي يخص بذات دون الذوات الاخر، ولا شريك لتلك الذات من أمر آخر يعرضه هذا العرض، ولا شريك لتلك الذات دخيل في عروضه عليها من العلل.
فالعرض الذاتي ما يخص بذات، وقهرا تكون تلك الذات موضوع الاعتبار المذكور، وعلة العرض المزبور، فلا يكون الزوجية من عوارض " الأربعة " الذاتية، لاشتراك " الستة " معها فيها، ولا التعجب من العوارض الذاتية للإنسان، لاشتراك الأنواع الاخر المشابهة معه في الإدراك الكلي، فهذا العرض غريب وأجنبي عن الذات المعينة المخصوصة بالنظر.
وهكذا كل عرض يكون كذلك هو العرض الغريب، فما لا يعرض للشئ حقيقة، ويعرض له لأجل الجهة المعانقة معه من الأجزاء الداخلية، أو الأمور