للتصديق بإطلاقه، ضرورة أن العقل يجزئ الواحد البسيط الخارجي، ويحلله إلى الأجزاء العقلية الكثيرة، فيلاحظ الجنس والفصل حتى في البسائط الخارجية، وليست تلك الأجزاء ذات محاك خارجية، بل المحكي بها واحد.
فتلك الكثرات الذهنية اعتبارية، أي لا واقعية لها مع حفظ كثرتها، وهذا هو المراد من " الاعتباري " في الكتب العقلية، ولا يجوز الخلط بين الاعتباريات في العلوم الاعتبارية، وبين الاعتباريات في الكتب العقلية والعلوم الحقيقية.
فتحصل: أن المعاني اللا بشرطية هي المعاني الواقعية، ولمكان الاتحاد الواقعي يحمل بعضها على بعض، والمعاني البشرط لائية بين ما هي معان واقعية، كالمتباينات إذا قيس بعضها إلى بعض، وبين ما هي معان متحدة في الواقع، إلا أن العقل حللها إلى الكثير، واعتبر كل واحد منها حذاء الآخر، ووضع لها الألفاظ للحكاية عنها حال الكثرة والتجزئة، فعند ذلك لا يعقل الحمل لما لوحظ كل واحد حذاء الآخر.
مثلا: حقيقة الصورة العلمية - لمكان كونها كمال الجوهر النفساني، ولمكان أن الوجود العرضي، ليس إلا طور الوجود الجوهري - متحدة مع وجود موضوعها، وهذا في الواقع يكون كذلك سواء اعتبر، أم لم يعتبر. ولو لم تكن هي متحدة معه لما كانت كماله، بل تصير هي حذاءه وغيره، وما ليس داخلا في حقيقة الشئ لا يعد كمال ذلك الشئ بالضرورة. ولأجله تستلزم الحركة في مقولة الأعراض، الحركة في مقولة الجوهر بالقطع واليقين.
ولكن مع ذلك يجوز للعقل التحليل والتجزئة بين الشئ وكماله، وإذا صنع ذلك، ووضع لفظ " العلم " لتلك الصور، ولفظ " الجوهر " لذلك الشئ، لا يعقل حمل أحدهما على الآخر، لعدم الاتحاد بين الملحوظين واقعا، فتبصر واغتنم.