التصديقي الذي هو العلم الموقوف عليه فيكون الموقوف والموقوف عليه واحدا، كما لا يخفى.
فبالجملة: لا معنى لكون التبادر كاشفا عن الوضع وتلك العلقة، وعن كون المعنى المنسبق إلى الذهن، مستندا إلى حاق اللفظ وصريح الكلمة، أو حاق الهيئة وصريح الجملة، لعدم اختصاص الجهة المبحوث عنها بمعاني اللغات.
وأعجب من هذا ما في " الكفاية ": " من أن المتعلم يرجع إلى العلماء، فالتبادر عندهم سبب حصول علم الجاهل " (1)!!
وجه التعجب: هو أن علم هؤلاء العلماء من أين جاء، وهم كيف صاروا عالمين؟! فلا يندفع الدور بذلك، ولا يكون علم المتعلم بمعنى اللغة، لأجل التبادر القائم عنده، بل هو لأجل إخبار المطلعين، أو الاطلاع على فهمهم ذلك من اللغة بالقرائن المختلفة المتنوعة، كما مر في كلامنا السابق.
مع أن ما هو المقصود في الكلام، هو أن يحصل العلم بالتبادر حتى لا يكون لغوا، ولا دورا، وهو ممنوع كما عرفت.
هذا، ولو كان التبادر دليل الوضع، يلزم فيما إذا تبادر أحد المعاني من المشترك اللفظي، اختصاصه بما تبادر، فيكون مجازا في غيره، مع أن ذلك واضح المنع، فالمناط في الحقيقة والمجاز ليس التبادر وعدمه.
ولو قيل: خطور المعنى من اللفظ إلى الذهن أمر، وكونه مستندا إليه من غير دخالة الأمر الآخر أمر آخر، والأول هو العلم الاجمالي، والثاني هو التفصيلي، فيندفع الدور.
قلنا: نعم، إلا أن العلم التفصيلي هنا يرجع إلى العلم الآخر بأمر آخر: وهو أن هذا المعنى يخطر من هذا اللفظ إلى الذهن، ثم يتوجه تفصيلا إلى أنه لا دخل له في