جزئية خارجية، وسيتضح لك حال الوضع في أمثال حروف التمني والترجي والنداء وأمثالها (1)، ومع ذلك يكون الموضوع له فيها عاما.
وهذا لا لما ذهب إليه صاحب " المقالات ": من امتناع الوضع العام (2) كما أشرنا إليه، بل لو سلمنا إمكان الوضع عاما، والموضوع له خاصا، لكان المتعين في الحروف عموم الموضوع له، وقد عرفت: أنه لا وجه لدعوى عموم الوضع (3) بعدما عرفت إمكان ذلك، أي خصوصه (4)، فعليه يكون التحقيق عموم الموضوع له، لا الوضع.
بل كما يمكن عمومه يمكن خصوصه.
بيان ذلك: أنك قد عرفت أن ما هو في العين، ليس إلا الوجود جعلا وتحققا، والماهيات الجوهرية والعرضية هي العناوين المخترعة من الخارج بالملاحظات بين الموجودات، وما هو في الخارج جعلا ليس إلا الوجود المعلولي الذي هو الربط بالعلة (5)، وأي ربط أعظم من ربط المعلول بعلته؟! فإنه أشد من ربط المقبول بقابله، والعرض بموضوعه، أو ربط القابل بمقبوله، كما في الهيولى والصورة، فعليه كيف يعقل أخذ المفاهيم الاسمية من الوجودات الرابطة، بل التي هي نفس الربط؟! فإذا أمكن ذلك، فهذا يقتضي إمكانه في المعاني الحرفية بالمعنى الأخص.
والذي هو السر في ذلك: أن النفس الانسانية، قادرة على أخذ المعاني الكلية بالملاحظات اللازمة بين الأمور الخارجية، فإذا لاحظت أن الوجودات المعلولية الصادرة - المربوطة بالعلة ربطا صدوريا - هي لا تكون قائمة إلا بالعلة، فمع قطع