ما زالوا في خدع الشيطان وغروره حتى أماتهم الله وألقاهم في النار.
قوله تعالى: * (وغركم بالله الغرور) * فيه مسألتان:
المسألة الأولى: قرأ سماك بن حرب: * (الغرور) * بضم الغين، والمعنى وغركم بالله الاغترار وتقديره على حذف المضاف أي غركم بالله سلامتكم منه مع الاغترار.
المسألة الثانية: * (الغرور) * بفتح الغين هو الشيطان لإلقائه إليكم أن لا خوف عليكم من محاسبة ومجازاة.
* (فاليوم لا يؤخذ منكم فدية ولا من الذين كفروا مأواكم النار هى مولاكم وبئس المصير) *.
الفدية ما يفتدى به وهو قولان: الأول: لا يؤخذ منكم إيمان ولا توبة فقد زال التكليف وحصل الإلجاء. الثاني: بل المراد لا يقبل منكم فدية تدفعون بها العذاب عن أنفسكم، كقوله تعالى: * (ولا يقبل منها عدل ولا تنفعها شفاعة) * (البقرة: 123)، واعلم أن الفدية ما يفتدى به فهو يتناول الإيمان والتوبة والمال، وهذا يدل على أن قبول التوبة غير واجب عقلا على ما تقوله المعتزلة لأنه تعالى بين أنه لا يقبل الفدية أصلا والتوبة فدية، فتكون الآية دالة على أن التوبة غير مقبولة أصلا، وإذا كان كذلك لم تكن التوبة واجبة القبول عقلا أما قوله: * (ولا من الذين كفروا) * ففيه بحث: وهو عطف الكافر على المنافق يقتضي أن لا يكون المنافق كافرا لوجوب حصول المغايرة بين المعطوف والمعطوف عليه والجواب: المراد الذين أظهروا الكفر وإلا فالمنافق كافر.
ثم قال تعالى: * (مأواكم النار هي مولاكم وبئس المصير) *.
وفي لفظ المولى ههنا أقوال: أحدها قال ابن عباس: * (مولاكم) * أي مصيركم، وتحقيقه أن المولى موضع الولي، وهو القرب، فالمعنى أن النار هي موضعكم الذي تقربون منه وتصلون إليه، والثاني: قال الكلبي: يعني أولى بكم، وهو قول الزجاج والفراء وأبي عبيدة، واعلم أن هذا الذي قالوه معنى وليس بتفسير للفظ، لأن لو كان مولى وأولى بمعنى واحد في اللغة، لصح استعمال كل واحد منهما في مكان الآخر، فكان يجب أن يصح أن يقال: هذا مولى من فلان كما يقال: هذا أولى من فلان، ويصح أن يقال: هذا أولى فلان كما يقال: هذا مولى فلان، ولما بطل ذلك علمنا أن الذي قالوه معنى وليس بتفسير، وإنما نبهنا على هذه الدقيقة لأن الشريف المرتضى لما تمسك بإمامة علي، بقوله