عنها زوجها، وإن كان مذكورا عقيب ذكر الطلاق، لاعتبار الجميع بالحمل في انقضاء العدة، لأنهم قالوا جميعا: (إن مضي الشهور لا تنقضي به عدتها إذا كانت حاملا حتى تضع حملها) فوجب أن يكون قوله تعالى: (وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن) [الطلاق: 4] مستعملا على مقتضاه وموجبه وغير جائز اعتبار الشهور معه.
ويدل على ذلك أيضا عدة الشهور خاصة في غير المتوفى عنها زوجها. ويدل عليه أيضا أن قوله تعالى: (والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء) مستعمل في المطلقات غير الحوامل، وأن الأقراء غير مشروطة مع الحمل في الحامل، بل كانت عدة الحامل المطلقة وضع الحمل من غير ضم الأقراء إليها. وقد كان جائزا أن يكون الحمل والأقراء مجموعين عدة لها بأن لا تنقضي عدتها بوضع الحمل حتى تحيض ثلاث حيض، فكذلك يجب أن تكون عدة الحامل المتوفى عنها زوجها هي الحمل غير مضموم إليه الشهور.
وروي عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: قلت يا رسول الله في هذه الآية حين نزلت (وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن) [الطلاق: 4] في المطلقة والمتوفى عنها زوجها؟ قال: (فيهما جميعا). وقد روت أم سلمة أن سبيعة بنت الحارث ولدت بعد وفاة زوجها بأربعين ليلة، فأمرها رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن تتزوج. وروى منصور عن إبراهيم عن الأسود عن أبي السنابل بن بعكك (أن سبيعة بنت الحارث وضعت بعد وفاة زوجها ببضع وعشرين ليلة، فأمرها رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تتزوج). وهذا حديث قد ورد من طرق صحيحة لا مساغ لأحد في العدول عنه مع ما عضده من ظاهر الكتاب.
وهذه الآية خاصة في الحرائر دون الإماء، لأنه لا خلاف بين السلف فيما نعلمه وبين فقهاء الأمصار في أن عدة الأمة المتوفى عنها زوجها شهران وخمسة أيام نصف عدة الحرة. وقد حكي عن الأصم أنها عامة في الأمة والحرة، وكذلك يقول في عدة الأمة في الطلاق أنها ثلاث حيض وهو قول شاذ خارج عن أقاويل السلف والخلف مخالف للسنة، لأن السلف لم يختلفوا في أن عدة الأمة من الحيض والشهور على النصف من عدة الحرة، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (طلاق الأمة تطليقتان وعدتها حيضتان) وهذا خبر قد تلقاه الفقهاء بالقبول واستعملوه في تنصيف عدة الأمة، فهو في حيز التواتر الموجب للعلم عندنا.
واختلف السلف في المتوفى عنها زوجها إذا لم تعلم بموته وبلغها الخبر، فقال ابن مسعود وابن عباس وابن عمر وعطاء وجابر بن زيد: (عدتها منذ يوم يموت، وكذلك في الطلاق من يوم طلق) وهو قول الأسود بن زيد في آخرين، وهو قول فقهاء الأمصار.
وقال علي والحسن البصري وخلاس بن عمرو: (من يوم يأتيها الخبر في الموت، وفي