المشركات حتى يؤمن) مرتب على قوله: (والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم) [المائدة: 5] وأن الكتابيات مستثناة منهن. وروي عن ابن عمر أنها عامة في الكتابيات وغيرهن، حدثنا جعفر بن محمد قال: حدثنا جعفر بن محمد بن اليمان قال:
حدثنا أبو عبيد قال: حدثنا يحيى بن سعيد عن عبيد الله بن نافع عن ابن عمر: (أنه كان لا يرى بأسا بطعام أهل الكتاب وكره نكاح نسائهم). قال أبو عبيد: وحدثنا عبد الله بن صالح عن الليث قال: حدثني نافع عن ابن عمر، أنه كان إذا سئل عن نكاح اليهودية والنصرانية قال: (إن الله حرم المشركات على المسلمين) قال: (فلا أعلم من الشرك شيئا أكبر) أو قال: (أعظم من أن تقول ربها عيسى أو عبد من عبيد الله). فكرهه في الحديث الأول ولم يذكر التحريم، وتلا في الحديث الثاني الآية ولم يقطع فيها بشئ، وإنما أخبر أن مذهب النصارى شرك. قال: وحدثنا أبو عبيد قال: حدثنا علي بن سعد عن أبي المليح عن ميمون ابن مهران قال: قلت لابن عمر: إنا بأرض يخالطنا فيها أهل الكتاب فننكح نساءهم ونأكل طعامهم؟ قال: فقرأ علي أية التحليل وآية التحريم، قال: قلت: إني أقرأ ما تقرأ فننكح نساءهم ونأكل طعامهم؟، قال: فأعاد على آية التحليل وآية التحريم. قال أبو بكر: عدوله بالجواب بالإباحة والحظر إلى تلاوة الآية دليل على أنه كان واقفا في الحكم غير قاطع فيه بشئ، وما ذكر عنه من الكراهة يدل على أنه ليس على وجه التحريم كما يكره تزوج نساء أهل الحرب من الكتابيات لا على وجه التحريم.
وقد روي عن جماعة من الصحابة والتابعين إباحة نكاح الكتابيات، حدثنا جعفر بن محمد الواسطي قال: حدثنا جعفر بن محمد بن اليمان قال: حدثنا أبو عبيد قال: حدثني سعيد بن أبي مريم عن يحيى بن أيوب ونافع بن يزيد عن عمر مولى عفرة قال: سمعت عبد الله بن علي بن السائب يقول: إن عثمان تزوج نائلة بنت الفرافصة الكلبية وهي نصرانية على نسائه، وبهذا الإسناد من غير ذكر نافع: أن طلحة بن عبيد الله تزوج يهودية من أهل الشام. وروي عن حذيفة أيضا أنه تزوج يهودية وكتب إليه عمر أن خل سبيلها، فكتب إليه حذيفة: أحرام هي؟ فكتب إليه عمر: لا، ولكن أخاف أن تواقعوا المومسات منهن. وروي عن جماعة من التابعين إباحة تزويج الكتابيات، منهم الحسن وإبراهيم والشعبي، ولا نعلم عن أحد من الصحابة والتابعين تحريم نكاحهن، وما روي عن ابن عمر فيه فلا دلالة فيه على أنه رآه محرما وإنما فيه عنه الكراهة، كما روي كراهة عمر لحذيفة تزويج الكتابية من غير تحريم. وقد تزوج عثمان وطلحة وحذيفة الكتابيات، ولو كان ذلك محرما عند الصحابة لظهر منهم نكير أو خلاف، وفي ذلك دليل على اتفاقهم على جوازه.