الفقير ثم ليقضوا تفثهم وليوفوا نذورهم) [الحج: 28] فأمرهم بقضاء التفث بعد ذبح الهدي، فإذا كان كذلك وجب أن يراعى وقوع الإحلال، فإن صام رجل ثم وجد الهدي لم ينتقض صومه ولم يلزمه الهدي لوجود المعنى الذي من أجله شرط الهدي ثم نقل عند عدمه إلى البدل، وهو بمنزلة المتيمم إذا وجد الماء بعد فراغه من الصلاة، والعاري إذا وجد ثوبا، والمظاهر إذا فرغ من الصوم ثم وجد الرقبة: لأن الفرض قد سقط عنه فلا ينتقض حكم المفعول منه. وأما قبل الفراغ من هذه الأشياء التي ذكرنا فإن حكم البدل مراعى، فإن تم وفرغ منه فقد وقع موقع البدل وأجزى عن أصل الفرض، وإن وجد الأصل قبل الفراغ مما شرط له انتقض حكمه وعاد إلى أصل فرضه، ألا ترى أن دخوله في الصلاة مراعى ومنتظر بها آخرها لأن ما يفسد آخرها يفسد أولها؟ فوجب أن يكون حكم التيمم بعد دخوله في الصلاة منتظرا مراعى، وكذلك صوم الظهار إذا دخل فيه فهو مراعى منتظر، ألا ترى أنه لو أفطر فيه يوما انتقض كله وعاد إلى أصل فرضه؟ كذلك إذا وجد الرقبة وهو في الصوم وجب أن ينتقض صومه عن الظهار ويعود إلى أصل فرضه، كما لو تيمم ولم يدخل في الصلاة حتى وجد الماء انتقض تيممه، لأنه وقع مراعى على شريطة أن لا يجد الماء حتى يقضي به الفرض.
وزعم بعض المخالفين أنه إذا ابتدأ بصوم الظهار فقد سقط عنه فرض الرقبة لصحة الجزء المفعول، وكذلك الداخل في الصلاة بالتيمم فقد سقط عنه فرض الطهارة بالماء لهذه الصلاة، وكذلك إذا دخل في صوم التمتع فقد سقط عنه فرض الهدي، لأن الجزء المفعول منه قد صح، وفي الحكم بصحة ذلك اسقاط فرض الأصل. قال: وليس كذلك المتيمم إذا وجد الماء قبل دخوله في الصلاة، لأن التيمم غير مفروض في نفسه وإنما هو مفروض لأجل الصلاة وهو مراعى، فمتى وجد الماء قبل دخوله في الصلاة بطل تيممه، والذي في عروض التيمم بعد الدخول دخوله في الصوم. وهذا الذي قاله شديد الاختلال ظاهر الفساد، لأن الفرض لم يسقط بدخوله في صوم المتعة ولا في صوم الظهار ولا في الصلاة، بل دخوله مراعى موقوف الحكم على آخره، والدليل عليه أنه متى أفسد باقي الصلاة فسد ما قبله، وكذلك إذا فسد باقي صوم الظهار فسد ما تقدم منه، وكذلك لو دخل في صوم المتعة ثم أفسده في أول يوم منه فسد، فإن كان واجدا للهدي لم يجزه الصوم بالاتفاق، فقوله: (لما حكمنا بصحة الجزء المفعول من البدل سقط عنه فرض الأصل) خطأ، لأن الحكم لم يقع بصحته، وإنما حكمه أن يكون منتظرا به آخره، فإن تم مع عدل فرض الأصل ثبت حكمه، وإن وجد الأصل قبل تمامه بطل حكمه وعاد إلى أصل فرضه. ومن حيث حكم للمتيمم بحكم الانتظار إلى أن يدخل في الصلاة، وجب