في الحث على فعل السبعة والأمر بتعجيلها بعد الرجوع لاستكمال ثواب الهدي وقيل فيه أنه أزال احتمال التخيير وإن تكون الواو فيه بمعنى أو إذ كانت الواو قد تكون في معنى أو في بعض المواضع فأزال هذا الاحتمال بقوله (تلك عشرة كاملة) وقيل المعنى تأكيده في نفس المخاطب والدلالة على انقطاع التفصيل في العدد كما قال الشاعر (1):
ثلاث واثنتين فهن خمس * لا وسادسة تميل إلى شمام (2) وجعل الشافعي هذا أحد أقسام البيان وذكر أنه من البيان الأول ولم يجعل أحد من أهل العلم ذلك من أقسام البيان لأن قوله ثلاثة وسبعة غير مفتقر إلى البيان ولا إشكال على أحد فيه فجاعله من أقسام البيان مغفل في قوله.
قوله تعالى (الحج أشهر معلومات) قال أبو بكر قد اختلف السلف في أشهر الحج ما هي فروي عن ابن عباس وابن عمر والحسن وعطاء ومجاهد أنها شوال وذو القعدة وعشر من ذي الحجة وروي عن عبد الله بن مسعود أنها شوال وذو القعدة وذو الحجة وروي عن ابن عباس وابن عمر في رواية أخرى مثله وكذلك روي عن عطاء ومجاهد وقال قائلون وجائز أن لا يكون ذلك اختلافا في الحقيقة وأن يكون مراد من قال وذو الحجة أنه بعضه لأن الحج لا محالة إنما هو في بعض الأشهر لا في جميعها لأنه لا خلاف أنه ليس يبقى بعد أيام مني شئ من مناسك الحج وقالوا ويحتمل أن يكون من تأوله على ذي الحجة كله مراده أنها لما كانت هذه أشهر الحج كان الاختيار عنده فعل العمرة في غيرها كما روي عن عمر وغيره من الصحابة استحبابهم لفعل العمرة في غير أشهر الحج على ما قدمنا وحكى الحسن بن أبي مالك عن أبي يوسف قال شوال وذو القعدة وعشر ليال من ذي الحجة لأن من لم يدرك الوقوف بعرفة حتى طلع الفجر من يوم النحر فحجه فائت.
ولا تنازع بين أهل اللغة في تجويز إرادة الشهرين وبعض الثالث بقوله (أشهر معلومات) كما قال النبي صلى الله عليه وسلم أيام منى ثلاثة وإنما هي يومان وبعض الثالث ويقولون حججت عام كذا وإنما الحج في بعضه ولقيت فلانا سنة كذا وإنما كان لقاؤه في بعضها وكلمته يوم الجمعة والمراد البعض وذلك من مفهوم الخطاب إذا تعذر استغراق الفعل للوقت كان المعقول منه البعض.
قال أبو بكر ولقول من قال إنها شوال وذو العقدة وذو الحجة وجه آخر وهو شائع