اضطراب الحديث، وغير جائز تخصيص آية محكمة به.
وقد روى ابن زياد بن عبد الله البكائي قال: حدثنا سليمان الأعمش قال: حدثنا أصحابنا عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في البحر: (ذكي صيده طهور ماؤه) وهذا أضعف عند أهل النقل من الأول. وقد روي فيه حديث آخر، وهو ما رواه يحيى بن أيوب عن جعفر بن ربيعة، وعمرو بن الحارث عن بكر بن سوادة، عن أبي معاوية العلوي، عن مسلم بن مخشي المدلجي، عن الفراسي، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في البحر: (هو الطهور ماؤه الحل ميتته). وهذا أيضا لا يحتج به لجهالة رواته، ولا يخص به ظاهر القرآن.
وحدثنا عبد الباقي قال: حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال: حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا أبو القاسم بن أبي الزناد قال: حدثنا إسحاق بن حازم، عن عبد الله بن مقسم، عن عطاء، عن جابر بن عبد الله، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه سئل عن البحر فقال: (هو الطهور ماؤه الحل ميتته).
قال أبو بكر: وقد اختلف في السمك الطافي، وهو الذي يموت في الماء حتف أنفه، فكرهه أصحابنا والحسن بن حي. وقال مالك والشافعي: (لا بأس به). وقد اختلف السلف فيه أيضا، فروى عطاء بن السائب عن ميسرة عن علي عليه السلام قال:
(ما طفا من ميتة البحر فلا تأكله). وروى عمرو بن دينار عن جابر بن عبد الله، وعبد الله بن أبي الهذيل عن ابن عباس: (إنهما كرها الطافي فهؤلاء الثلاثة من الصحابة قد روي عنهم كراهته. وروي عن جابر بن زيد وعطاء وسعيد ابن المسيب والحسن وابن سيرين وإبراهيم كراهيته. وروي عن أبي بكر الصديق وأبي أيوب إباحة أكل الطافي من السمك.
والذي يدل على حظر أكله ظاهر قوله تعالى: (حرمت عليكم الميتة) [المائدة: 3] واتفق المسلمون على تخصيص غير الطافي من الجملة فخصصناه، واختلفوا في الطافي فوجب استعمال حكم العموم فيه. وقد حدثنا محمد بن بكر قال: حدثنا أبو داود. قال: حدثنا أحمد ابن عبدة: حدثنا يحيى بن سليم الطائفي قال: حدثنا إسماعيل بن أمية عن أبي الزبير عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما ألقى البحر أو جزر عنه فكلوه، وما مات فيه وطفا فلا تأكلوه!). وروى إسماعيل بن عياش قال: حدثني عبد العزيز بن عبد الله عن وهب بن كيسان، ونعيم بن عبد الله المجمر عن جابر بن عبد الله، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (ما جزر عنه البحر فلا تأكل وما ألقى فكل، وما وجدته ميتا طافيا فلا تأكله)!