حدثنا محمد بن الحسين، قال: ثنا أحمد بن المفضل، قال: ثنا أسباط، عن السدي: * (يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا بطانة من دونكم) * أما البطانة: فهم المنافقون.
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، قوله: * (يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا بطانة من دونكم) *... الآية، قال: لا يستدخل المؤمن المنافق دون أخيه.
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد في قوله: * (يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا بطانة من دونكم) *... الآية، قال: هؤلاء المنافقون، وقرأ قوله:
* (قد بدت البغضاء من أفواههم) *... الآية.
واختلفوا في تأويل قوله * (ودوا ما عنتم) * فقال بعضهم معناه: ودوا ما ضللتم عن دينكم. ذكر من قال ذلك:
حدثنا محمد بن الحسين، قال: ثنا أحمد، قال: ثنا أسباط، عن السدي:
* (ودوا ما عنتم) * يقول: ما ضللتم.
وقال آخرون بما:
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج:
* (ودوا ما عنتم) * يقول في دينكم، يعني: أنهم يودون أن تعنتوا في دينكم.
فإن قال لنا قائل: وكيف قيل: * (ودوا ما عنتم) * فجاء بالخبر عن البطانة بلفظ الماضي في محل الحال والقطع بعد تمام الخبر، والحالات لا تكون إلا بصور الأسماء والأفعال المستقبلة دون الماضية منها؟ قيل: ليس الامر في ذلك على ما ظننت من أن قوله:
* (ودوا ما عنتم) * حال من البطانة، وإنما هو خبر عنهم ثان، منقطع عن الأول غير متصل به.
وإنما تأويل الكلام: يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا بطانة صفتهم كذا صفتهم كذا. فالخبر عن الصفة الثانية غير متصل بالصفة الأولى، وإن كانتا جميعا من صفة شخص واحد.
وقد زعم بعض أهل العربية أن قوله: * (ودوا ما عنتم) * من صلة البطانة، وقد وصلت بقوله: * (لا يألونكم خبالا) * فلا وجه لصلة أخرى بعد تمام البطانة بصلته، ولكن القول في ذلك كما بينا قبل من أن قوله: * (ودوا ما عنتم) * خبر مبتدأ عن البطانة غير الخبر الأول، وغير حال من البطانة ولا قطع منها.