أن يتخذوا من الكفار به أخلاء وأصفياء ثم عرفهم ما هم عليه لهم منطوون من الغش والخيانة، وبغيهم إياهم الغوائل، فحذرهم بذلك منهم عن مخالتهم، فقال تعالى ذكره:
* (لا يألونكم خبالا) * يعني لا يستطيعونكم شرا، من ألوت آلو ألوا، يقال: ما ألا فلان كذا، أي ما استطاع، كما قال الشاعر:
جهراء لا تألو إذا هي أظهرت * بصرا ولا من عيلة تغنيني يعني لا تستطيع عند الظهر إبصارا.
وإنما يعني جل ذكره بقوله: * (لا يألونكم خبالا) * البطانة التي نهى المؤمنين عن اتخاذها من دونهم، فقال: إن هذه البطانة لا تترككم طاقتها خبالا: أي لا تدع جهدها فيما أورثكم الخبال. وأصل الخبال والخبال: الفساد، ثم يستعمل في معان كثيرة، يدل على ذلك الخبر عن النبي (ص): من أصيب بخبل - أو جراح.
وأما قوله: * (ودوا ما عنتم) * فإنه يعني: ودوا عنتكم، يقول: يتمنون لكم العنت والشر في دينكم وما يسوءكم ولا يسركم. وذكر أن هذه الآية نزلت في قوم من المسلمين كانوا يخالطون حلفاءهم من اليهود وأهل النفاق منهم، ويصافونهم المودة بالأسباب التي كانت بينهم في جاهليتهم قبل الاسلام، فنهاهم الله عن ذلك وأن يستنصحوهم في شئ من أمورهم. ذكر من قال ذلك:
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، عن محمد بن إسحاق، قال: قال