المخاطبين، لان العرب كذلك تفعل في هذا إذا أرادت به التقريب ومذهب النقصان الذي يحتاج إلى تمام الخبر، وذلك مثل أن يقال لبعضهم: أين أنت؟ فيجيب المقول ذلك له: ها أنا ذا، فيفرق بين التنبيه وذا بمكني اسم نفسه، ولا يكادون يقولون: هذا أنا، ثم يثنى ويجمع على ذلك، وربما أعادوا حرف التنبيه مع ذا، فقالوا: ها أنا هذا ولا يفعلون ذلك إلا فيما كان تقريبا، فأما إذا كان على غير التقريب والنقصان، قالوا: هذا هو، وهذا أنت، وكذلك يفعلون مع الأسماء الظاهرة، يقولون: هذا عمرو قائما، إن كان هذا تقريبا. وإنما فعلوا ذلك في المكني مع التقريب تفرقة بين هذا إذا كان بمعنى الناقص الذي يحتاج إلى تمام، وبينه وبين ما إذا كان بمعنى الاسم الصحيح. وقوله: * (تحبونهم) * خبر للتقريب.
وفي هذه الآية إبانة من الله عز وجل عن حال الفريقين، أعني المؤمنين والكافرين، ورحمة أهل الايمان ورأفتهم بأهل الخلاف لهم، وقساوة قلوب أهل الكفر وغلظتهم على أهل الايمان. كما:
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: * (ها أنتم أولاء تحبونهم ولا يحبونكم وتؤمنون بالكتاب كله) * فوالله إن المؤمن ليحب المنافق ويأوي له ويرحمه، ولو أن المنافق يقدر على ما يقدر عليه المؤمن منه لأباد خضراءه.
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، قال:
المؤمن خير للمنافق من المنافق للمؤمن يرحمه، ولو يقدر المنافق من المؤمن على مثل ما يقدر المؤمن عليه منه لأباد خضراءه.
وكان مجاهد يقول: نزلت هذه الآية في المنافقين.
حدثني بذلك محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، عن عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد.
القول في تأويل قوله تعالى: * (وإذا لقوكم قالوا آمنا وإذا خلوا عضوا عليكم الأنامل من الغيظ) *.
يعني بذلك تعالى ذكره: إن هؤلاء الذين نهى الله المؤمنين أن يتخذوهم بطانة من