نزلوا منزلهم من أحد فيما بلغنا يوم الأربعاء، فأقاموا به ذلك اليوم ويوم الخميس ويوم الجمعة، حتى راح رسول الله (ص) إليهم يوم الجمعة بعد ما صلى بأصحابه الجمعة، فأصبح بالشعب من أحد يوم السبت للنصف من شوال.
حدثنا بذلك ابن حميد، قال: ثنا سلمة، عن ابن إسحاق، قال: ثني محمد بن مسلم الزهري، ومحمد بن يحيى بن حبان، وعاصم بن عمر بن قتادة والحصين بن عبد الرحمن وغيرهم.
فإن قال: وكيف كانت تبوأته المؤمنين مقاعد للقتال غدوا قبل خروجه، وقد علمت أن التبوئة اتخاذ الموضع؟ قيل: كانت تبوأته إياهم ذلك قبل مناهضته عدوه عند مشورته على أصحابه بالرأي الذي رآه لهم بيوم أو يومين. وذلك أن رسول الله (ص) لما سمع بنزول المشركين من قريش وأتباعها أحدا، قال فيما:
حدثنا محمد بن الحسين، قال: ثنا أحمد بن المفضل، قال: ثنا أسباط عن السدي لأصحابه: أشيروا علي ما أصنع؟ فقالوا: يا رسول الله اخرج إلى هذه الأكلب.
فقالت الأنصار: يا رسول الله ما غلبنا عدو لنا أتانا في ديارنا، فكيف وأنت فينا؟ فدعا رسول الله (ص) عبد الله بن أبي ابن سلول، ولم يدعه قط قبلها، فاستشاره فقال:
يا رسول الله اخرج بنا إلى هذه الأكلب. وكان رسول الله (ص) يعجبه أن يدخلوا عليه المدينة، فيقاتلوا في الأزقة، فأتاه النعمان بن مالك الأنصاري، فقال: يا رسول الله، لا تحرمني الجنة، فوالذي بعثك بالحق لأدخلن الجنة! فقال له: بم؟ قال: بأني أشهد أن لا إله إلا الله، وأنك رسول الله، وأني لا أفر من الزحف. قال: صدقت؟ فقتل يومئذ. ثم إن رسول الله (ص) دعا بدرعه فلبسها، فلما رأوه وقد لبس السلاح، ندموا، وقالوا: بئسما صنعنا، نشير على رسول الله (ص) والوحي يأتيه! فقاموا واعتذروا إليه، وقالوا: اصنع ما رأيت. فقال رسول الله (ص): لا ينبغي لنبي أن يلبس لامته فيضعها حتى يقاتل.
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، عن محمد بن إسحاق، قال: ثني ابن شهاب الزهري ومحمد بن يحيى بن حبان وعاصم بن عمر بن قتادة، والحصين بن عبد الرحمن بن عمرو بن سعد بن معاذ، وغيرهم من علمائنا قالوا: لما سمع رسول الله (ص) والمسلمون بالمشركين قد نزلوا منزلهم من أحد، قال رسول الله (ص): إني قد رأيت بقرا فأولتها خيرا، ورأيت في ذباب سيفي ثلما، ورأيت أني أدخلت يدي في درع