واختلف أهل العربية في وجه تكرير الله تعالى ذكره اسمه مع قوله: * (وإلى الله ترجع الأمور) * ظاهرا وقد تقدم اسمه ظاهرا مع قوله: * (ولله ما في السماوات وما في الأرض) * فقال بعض أهل العربية من أهل البصرة: ذلك نظير قول العرب: أما زيد فذهب زيد، وكما قال الشاعر:
لا أرى الموت يسبق الموت شئ * نغص الموت ذا الغنى والفقيرا فأظهر في موضع الاضمار. وقال بعض نحويي الكوفة: ليس ذلك نظير هذا البيت، لان موضع الموت الثاني في البيت موضع كناية، لأنه كلمة واحدة، وليس ذلك كذلك في الآية، لان قوله: * (ولله ما في السماوات وما في الأرض) * خبر ليس من قوله: * (وإلى الله ترجع الأمور) * في شئ، وذلك أن كل واحدة من القصتين مفارق معناها معنى الأخرى، مكتفية كل واحدة منهما بنفسها، غير محتاجة إلى الأخرى، وما قال الشاعر: لا أرى الموت محتاج إلى تمام الخبر عنه.
وهذا القول الثاني عندنا أولى بالصواب، لان كتاب الله عز وجل لا يؤخذ معانيه، وما فيه من البيان إلى الشواذ من الكلام والمعاني وله في الفصيح من المنطق والظاهر من المعاني المفهوم وجه صحيح موجود.
وأما قوله: * (وإلى الله ترجع الأمور) * فإنه يعني تعالى ذكره: إلى الله مصير أمر جميع خلقه الصالح منهم، والطالح والمحسن والمسئ، فيجازي كلا على قدر استحقاقهم منه الجزاء بغير ظلم منه أحدا منهم. القول في تأويل قوله تعالى:
* (كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر