الأوس والخزرج وأولها كان بسبب قتل مولى لمالك بن العجلان الخزرجي، يقال له:
الحر بن سمير، من مزينة، وكان حليفا لمالك بن العجلان، ثم اتصلت تلك العداوة بينهم إلى أن أطفأها الله بنبيه محمد (ص)، فذلك معنى قول السدي: حرب ابن سمير.
وأما قوله: * (فأصبحتم بنعمته إخوانا) * فإنه يعني: فأصبحتم بتأليف الله عز وجل بينكم بالاسلام وكلمة الحق والتعاون على نصرة أهل الايمان، والتآزر على من خالفكم من أهل الكفر، إخوانا متصادقين لا ضغائن بينكم، ولا تحاسد. كما:
حدثني بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: * (فأصبحتم بنعمته إخوانا) *، وذكر لنا أن رجلا قال لابن مسعود: كيف أصبحتم؟ قال: أصبحنا بنعمة الله إخوانا.
القول في تأويل قوله تعالى: * (وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها) *.
يعني بقوله جل ثناؤه: * (وكنتم على شفا حفرة من النار) *: وكنتم يا معشر المؤمنين من الأوس والخزرج على حرف حفرة من النار، وإنما ذلك مثل لكفرهم الذي كانوا عليه قبل أن يهديهم الله للاسلام، يقول تعالى ذكره: وكنتم على طرف جهنم بكفركم الذي كنتم عليه، قبل أن ينعم الله عليكم بالاسلام، فتصيروا بائتلافكم عليه إخوانا، ليس بينكم وبين الوقوع فيها إلا أن تموتوا على ذلك من كفركم، فتكونوا من الخالدين فيها، فأنقذكم الله منها بالايمان الذي هداكم له. وشفا الحفرة: طرفها وحرفها، مثل شفا الركية والبئر، ومنه قول الراجز:
نحن حفرنا للحجيج سجله * نابتة فوق شفاها بقله يعني فوق حرفها، يقال: هذا شفا هذه الركية مقصور، وهما شفواها. وقال:
* (فأنقذكم منها) *: يعني فأنقذكم من الحفرة، فرد الخبر إلى الحفرة، وقد ابتدأ الخبر عن