خيرا. قال ابن حميد: قال سلمة: قال محمد بن إسحاق: فحدثني عاصم بن عمر بن قتادة، عن أشياخ من قومه، قالوا: لما لقيهم رسول الله (ص) قال لهم: من أنتم؟ قالوا: نفر من الخزرج، قال: أمن موالي يهود؟ قالوا: نعم، قال: أفلا تجلسون حتى أكلمكم؟
قالوا: بلى. قال: فجلسوا معه، فدعاهم إلى الله وعرض عليهم الاسلام، وتلا عليهم القرآن. قال: وكان مما صنع الله لهم به في الاسلام أن يهود كانوا معهم ببلادهم، وكانوا أهل كتاب وعلم، وكانوا أهل شرك، أصحاب أوثان، وكانوا قد غزوهم ببلادهم، فكانوا إذا كان بينهم شئ، قالوا لهم: إن نبيا الآن مبعوث قد أظل زمانه، نتبعه ونقتلكم معه قتل عاد وإرم. فلما كلم رسول الله (ص) أولئك النفر، ودعاهم إلى الله عز وجل، قال بعضهم لبعض: يا قوم تعلموا والله إنه للنبي الذي توعدكم به يهود، ولا يسبقنكم إليه! فأجابوه فيما دعاهم إليه بأن صدقوه، وقبلوا منه ما عرض عليهم من الاسلام، وقالوا له: إنا قد تركنا قومنا، ولا قوم بينهم من العداوة والشر ما بينهم، وعسى أن يجمعهم الله بك، وسنقدم عليهم، فندعوهم إلى أمرك، ونعرض عليهم الذي أجبناك إليه من هذا الدين، فإن يجمعهم الله عليه، فلا رجل أعز منك! ثم انصرفوا عن رسول الله (ص)، راجعين إلى بلادهم، قد آمنوا وصدقوا، وهم فيما ذكر لي ستة نفر. قال: فلما قدموا المدينة على قومهم، ذكروا لهم رسول الله (ص)، ودعوهم إلى الاسلام، حتى فشا فيهم، فلم يبق دار من دور الأنصار إلا وفيها ذكر من رسول الله (ص) حتى إذا كان العام المقبل، وافى الموسم من الأنصار اثنا عشر رجلا، فلقوه بالعقبة، وهي العقبة الأولى، فبايعوا رسول الله (ص) على بيعة النساء، وذلك قبل أن تفترض عليهم الحرب.