فإن أهل التأويل اختلفوا فيمن عني به، فقال بعضهم: عني به أهل قبلتنا من المسلمين. ذكر من قال ذلك:
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: * (يوم تبيض وجوه وتسود وجوه) *... الآية، لقد كفر أقوام بعد إيمانهم كما تسمعون، ولقد ذكر لنا أن نبي الله (ص) كان يقول: والذي نفس محمد بيده، ليردن علي الحوض ممن صحبني أقوام، حتى إذا رفعوا إلي ورأيتهم اختلجوا دوني، فلأقولن رب أصحابي أصحابي، فليقالن إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك. وقوله: * (وأما الذين ابيضت وجوههم ففي رحمة الله) * هؤلاء أهل طاعة الله والوفاء بعهد الله، قال الله عز وجل: * (ففي رحمة الله هم فيها خالدون) *.
حدثنا محمد بن الحسين، قال: ثنا أحمد بن المفضل، قال: ثنا أسباط، عن السدي: * (يوم تبيض وجوه وتسود وجوه فأما الذين اسودت وجوههم أكفرتم بعد إيمانكم فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون) * فهذا من كفر من أهل القبلة حين اقتتلوا.
حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا أبي، عن حماد بن سلمة والربيع بن صبيح، عن أبي مجالد، عن أبي أمامة: * (فأما الذين اسودت وجوههم أكفرتم بعد إيمانكم) * قال: هم الخوارج.
وقال آخرون: عنى بذلك كل من كفر بالله بعد الايمان الذي آمن حين أخذ الله من صلب آدم ذريته وأشهدهم على أنفسهم بما بين في كتابه. ذكر من قال ذلك:
حدثني المثنى، قال: ثنا علي بن الهيثم، قال: أخبرنا ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع، عن أبي العالية، عن أبي بن كعب، في قوله: * (يوم تبيض وجوه وتسود وجوه) * قال: صاروا يوم القيامة فريقين، فقال لمن اسود وجهه وعيرهم: * (أكفرتم بعد إيمانكم فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون) * قال: هو الايمان الذي كان قبل الاختلاف في زمان آدم، حين أخذ منهم عهدهم وميثاقهم، وأقروا كلهم بالعبودية، وفطرهم على الاسلام، فكانوا أمة واحدة مسلمين، يقول: أكفرتم بعد إيمانكم، يقول بعد ذلك الذي كان