أعداء: أي بشرككم، يقتل بعضكم بعضا، عصبية في غير طاعة الله ولا طاعة رسوله، فألف الله بالاسلام بين قلوبكم، فجعل بعضكم لبعض إخوانا بعد إذ كنتم أعداء تتواصلون بألفة الاسلام واجتماع كلمتكم عليه. كما:
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة، قوله: * (واذكروا نعمت الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم) * كنتم تذابحون فيها، يأكل شديدكم ضعيفكم حتى جاء الله بالاسلام، فآخى به بينكم، وألف به بينكم. أما والله الذي لا إله إلا هو، إن الألفة لرحمة، وإن الفرقة لعذاب!
حدثني المثنى، قال: ثنا إسحاق، قال: ثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع في قوله: * (واذكروا نعمت الله عليكم إذ كنتم أعداء) *: يقتل بعضكم بعضا، ويأكل شديدكم ضعيفكم، حتى جاء الله بالاسلام، فألف به بينكم، وجمع جمعكم عليه، وجعلكم عليه إخوانا.
فالنعمة التي أنعم الله على الأنصار التي أمرهم تعالى ذكره في هذه الآية أن يذكروها هي ألفة الاسلام واجتماع كلمتهم عليها، والعداوة التي كانت بينهم، التي قال الله عز وجل: * (إذ كنتم أعداء) * فإنها عداوة الحروب التي كانت بين الحيين من الأوس والخزرج في الجاهلية قبل الاسلام، يزعم العلماء بأيام العرب، أنها تطاولت بينهم عشرين ومائة سنة. كما:
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، قال: قال ابن إسحاق: كانت الحرب بين الأوس والخزرج عشرين ومائة سنة، حتى قام الاسلام وهم على ذلك، فكانت حربهم بينهم وهم أخوان لأب وأم، فلم يسمع بقوم كان بينهم من العدواة والحرب ما كان بينهم.
ثم إن الله عز وجل أطفأ ذلك بالاسلام، وألف بينهم برسوله محمد (ص).
فذكرهم جل ثناؤه إذ وعظهم عظيم ما كانوا فيه في جاهليتهم من البلاء والشقاء بمعاداة بعضهم بعضا وقتل بعضهم بعضا، وخوف بعضهم من بعض، وما صاروا إليه بالاسلام واتباع الرسول (ص) والايمان به، وبما جاء به من الائتلاف والاجتماع، وأمن بعضهم من بعض، ومصير بعضهم لبعض إخوانا. وكان سبب ذلك ما:
حدثنا به ابن حميد، قال: ثنا سلمة، قال: ثني ابن إسحاق، قال: ثنا عاصم بن عمر بن قتادة المدني، عن أشياخ من قومه، قالوا: قدم سويد بن صامت أخو بني