عمرو بن عوف مكة حاجا أو معتمرا. قال: وكان سويد إنما يسميه قومه فيهم الكامل لجلده وشعره ونسبه وشرفه. قال: فتصدى له رسول الله (ص) حين سمع به، فدعاه إلى الله عز وجل وإلى الاسلام، قال: فقال له سويد: فلعل الذي معك مثل الذي معي! قال: فقال له رسول الله (ص): وما الذي معك؟ قال مجلة لقمان - يعني حكمة لقمان - فقال له رسول الله (ص): اعرضها علي! فعرضها عليه، فقال: إن هذا الكلام حسن، معي أفضل من هذا، قرآن أنزله الله علي هدى ونور. قال: فتلا عليه رسول الله (ص) القرآن ودعاه إلى الاسلام، فلم يبعد منه، وقال: إن هذا القول حسن ثم انصرف عنه، وقدم المدينة، فلم يلبث أن قتلته الخزرج، فإن كان قومه ليقولون: قد قتل وهو مسلم، وكان قتله قبل يوم بعاث.
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، عن محمد بن إسحاق، قال: ثني الحسين بن عبد الرحمن بن عمرو بن سعد بن معاذ أحد بني عبد الأشهل: أن محمود بن أسد أحد بني عبد الأشهل، قال: لما قدم أبو الجيش أنس بن رافع مكة، ومعه فتية من بني عبد الأشهل فيهم إياس بن معاذ، يلتمسون الحلف من قريش على قوم من الخزرج، سمع بهم رسول الله (ص)، فأتاهم فجلس إليهم، فقال: هل لكم إلى خير مما جئتم له؟
قالوا: وما ذاك؟ قال: أنا رسول الله بعثني إلى العباد أدعوهم إلى الله أن يعبدوا الله ولا يشركوا به شيئا، وأنزل علي الكتاب. ثم ذكر لهم الاسلام، وتلا عليهم القرآن، فقال إياس بن معاذ، وكان غلاما حدثا: أي قوم، هذا والله خير مما جئتم له! قال: فأخذ أبو الجيش أنس بن رافع حفنة من البطحاء فضرب بها وجه إياس بن معاذ، وقال: دعنا منك، فلعمري لقد جئنا لغير هذا! قال: فصمت إياس بن معاذ، وقام رسول الله (ص) عنهم، وانصرفوا إلى المدينة، وكانت وقعة بعاث بين الأوس والخزرج. قال: ثم لم يلبث إياس بن معاذ أن هلك قال: فلما أراد الله إظهار دينه، وإعزاز نبيه (ص)، وإنجاز موعده له، خرج رسول الله (ص) الموسم الذي لقي فيه النفر من الأنصار يعرض نفسه على قبائل العرب كما كان يصنع في كل موسم. فبينا هو عند العقبة، إذ لقي رهطا من الخزرج أراد الله لهم