والجسد والحملان، قال: وإن كان في جسده ما لا يستطيع الحج فليس عليه الحج، وإن كان له قوة في مال، كما إذا كان صحيح الجسد ولا يجد مالا ولا قوة، يقولون: لا يكلف أن يمشي.
وأولى الأقوال في ذلك عندنا بالصواب، قول من قال بقول ابن الزبير وعطاء، إن ذلك على قدر الطاقة، لان السبيل في كلام العرب: الطريق، فمن كان واجدا طريقا إلى الحج لا مانع له منه من زمانة، أو عجز، أو عدو، أو قلة ماء في طريقه، أو زاد، وضعف عن المشي، فعليه فرض الحج لا يجزيه إلا أداؤه فإن لم يكن واجدا سبيلا، أعني بذلك:
فإن لم يكن مطيقا الحج بتعذر بعض هذه المعاني التي وصفناها عليه، فهو ممن لا يجد إليه طريقا، ولا يستطيعه، لان الاستطاعة إلى ذلك هو القدرة عليه، ومن كان عاجزا عنه ببعض الأسباب التي ذكرنا أو بغير ذلك، فهو غير مطيق ولا مستطيع إليه السبيل.
وإنما قلنا هذه المقالة أولى بالصحة مما خالفها، لان الله عز وجل لم يخصص إذ ألزم الناس فرض الحج بعض مستطيعي السبيل إليه بسقوط فرض ذلك عنه فذلك على كل مستطيع إليه سبيلا بعموم الآية. فأما الاخبار التي رويت عن رسول الله (ص) في ذلك بأنه الزاد والراحلة، فإنها أخبار في أسانيدها نظر، لا يجوز الاحتجاج بمثلها في الدين.
واختلف القراء في قراءة الحج، فقرأ ذلك جماعة من قراء أهل المدينة والعراق بالكسر: * (ولله على الناس حج البيت) *، وقرأ ذلك جماعة أخر منهم بالفتح: ولله على الناس حج البيت وهما لغتان معروفتان للعرب، فالكسر لغة أهل نجد، والفتح لغة أهل العالية، ولم نر أحدا من أهل العربية ادعى فرقا بينهما في معنى ولا غيره غير ما ذكرنا من اختلاف اللغتين، إلا ما:
حدثنا به أبو هشام الرفاعي، قال: قال حسن الجعفي: الحج مفتوح:
اسم، والحج مكسور: عمل.
وهذا قول لم أر أهل المعرفة بلغات العرب ومعاني كلامهم يعرفونه، بل رأيتهم مجمعين على ما وصفت من أنهما لغتان بمعنى واحد. والذي نقول به في قراءة ذلك، أن القراءتين إذ كانتا مستفيضتين في قراءة أهل الاسلام، ولا اختلاف بينهما في معنى ولا